للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

- أنه نهى عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها والنّهيُ يقتضي التحريمَ، وهذا النهي متضمن للأمر بالغَسْل خارجَ الإناء الذي هو غاية النهي (١)، ومقتضى الأمر الإيجابُ، ولا سيَّما أنّ غسل اليد مستحب مطلقاً، فلما خص به هذه الحال دل على وجوبه (٢).

ونوقش هذا الاستدلال بأمور منها:

- بأدلة القول الأول التي سبق ذكرها، فكلها صوارف عن الوجوب، وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا استيقظ أراه أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثاً، فإن الشيطان يبيت على خيشومه» (٣)، فإن هذا الحديث مثل حديث النهي عن غمس اليد في الإناء قبل [غسلها] ثلاثاً كما ذكر أبو البركات ابن تيمية (ت ٦٥٢) في المنتقى (٤)، قال الشوكاني: (وإنما مثل المصنف محل النزاع بهذا الحديث؛ لأنه قد وقع الاتفاق على عدم وجوب الاستنثار عند الاستيقاظ، ولم يذهب إلى وجوبه أحد) (٥).


(١) والأمر بالغسل هو صريح رواية البخاري (١٦٢): «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه».
(٢) انظر: شرح عمدة الفقه لابن تيمية -كتاب الطهارة ص (١٧٤)، الشرح الممتع (١/ ٥١).
(٣) أخرجه البخاري (٣٢٩٥)، ومسلم (٢٣٨)، ولفظ مسلم: «خياشيمه» بالجمع.
(٤) قال: (وأكثر العلماء حملوا هذا [يقصد الأمر بغسل اليدين] على الاستحباب، مثل ماروى أبوهريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه» متفق عليه). المنتقى ص (٦٩).
(٥) نيل الأوطار (١/ ١٧٦)، قال ابن حزم في المحلى (١/ ٢٠٣): (ودعوى الإجماع بغير يقين كذب على الأمة كلها. نعوذ بالله من ذلك. حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أَحَقٌّ عليَّ أنْ أستنشق؟ قال نعم، قلت كم؟ قال ثلاثا، قلت عَمَّنْ؟ قال عن عثمان).

<<  <  ج: ص:  >  >>