للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولايظهر تعارض بين النقلين، فالخصوص هي الحقيقة اللغوية، والعموم هي الحقيقة الشرعية، وهذا ظاهر من تعليل صاحب القاموس (١).

أما الخمر في الاصطلاح:

- فهناك معنى متفق عليه عند الفقهاء، ومعنى اختلفوا فيه، قال النووي: (الخمر يطلق على عصير العنب المشتد إطلاقاً حقيقياً إجماعاً، واختلفوا هل يطلق على غيره حقيقة أو مجازاً) (٢)، فعصير العنب المسكر يسمى خمراً عند الجميع، أما غيره من الأنبذة ونحوها إذا كانت مسكرة فهل تُسمّى خمراً؟ اختلفوا في ذلك مع اتفاقهم جميعاً على تحريم كل مسكر (٣).

- فهي عند جماهير العلماء (٤): (اسمٌ لكلِّ مُسكرٍ خَامَرَ العقلَ، أي:


(١) نقل بعضهم اتفاق أهل اللغة على أن الخمر ماكان من العنب، قال الزيلعي: (الخمر حقيقة: اسم للنيء من ماء العنب المسكر باتفاق أهل اللغة … ، وتسمية غيرها خمراً مجاز). تبيين الحقائق (٦/ ٤٤)، قال الخطابي: (زعم قوم أن العرب لا تعرف الخمر إلا من العنب، فيقال لهم: إن الصحابة الذين سموا غير المتخذ من العنب خمراً عرب فصحاء فلو لم يكن هذا الاسم صحيحاً لما أطلقوه) فتح الباري (١٠/ ٤٨) وقد تتابع عدد من الشراح على نقل هذا النص، ولم أجده في معالم السنن، ووجدت تعليقاً له بمعناه، حيث قال معلقاً على أثر عمر -رضي الله عنه-: (نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والخمرُ ما خامر العقل)، قال الخطابي: (فيه البيان الواضح أن قول من زعم من أهل الكلام أن الخمر إنما هو عصير العنب النيء الشديد منه وإن ما عدا ذلك فليس بخمر باطل). معالم السنن (٤/ ٢٦٢).
(٢) المجموع (٢٠/ ١١٨)، قال ابن عبدالبر: (وقد أجمع علماء المسلمين في كل عصر وبكل مصر فيما بلغنا وصح عندنا أن عصير العنب إذا رمى بالزبد وهدأ وأسكر الكثير منه أو القليل أنه خمر). التمهيد (١/ ٢٤٥).
(٣) قال الشافعي: (السكر محرم عند جميع أهل الإسلام) الأم (٦/ ٢٢٣)، وقال ابن تيمية: (فإن كل ما يغيب العقل يحرم باتفاق المسلمين) مجموع الفتاوى (٣٤/ ٢١٨).
(٤) قال مالك: (ما أسكر من الأشربة كلها فهو خمر) المدونة (٤/ ٥٢٣)، وقال الشيرازي: (واسم الخمر يقع على كل مسكر) المهذب (٣/ ٣٧٠)، قال أبو داود: (سمعت أحمد غير مرة، يقول: كل مسكر خمر) مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود ص (٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>