للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غطاه) (١)، قال ابن عبدالبر: (قال أهل المدينة، وسائر أهل الحجاز، وعامة أهل الحديث وأئمتهم: إن كل مسكر خمر، حكمه حكم خمر العنب في التحريمِ، والحدِّ على مَنْ شرب شيئاً من ذلك كله) (٢).

- وذهب الحنفية (٣)، وبعض المالكية (٤)، و أكثر الشافعية (٥)، إلى أن الخمر هو: (عصير العنب إذا صار مسكراً)، ويطلق الخمر على غيره مجازاً لا حقيقة.

- ومحل النزاع: إنما هو في النبيذِ (٦) ونحوه إذا غلى واشتد، وشُرب منه القدرُ الذي لا يُسكر (٧)، فهل يحرم ويجري عليه أحكام الخمر؟ وماذهب إليه الجمهور هو الصحيح، ومما يدل على ذلك: ماجاء في الصحيحين عن أنس -رضي الله عنه- قال: كنت ساقي القوم يوم


(١) المصباح المنير (١/ ١٨١).
(٢) التمهيد (١/ ٢٤٥).
(٣) انظر: بدائع الصنائع (٥/ ١١٢)، الهداية في شرح البداية (٤/ ٣٩٣). قال ابن عابدين: (الخمر حقيقة تطلق على ما ذكرنا، وغيره كل واحد له اسم مثل المثلث والباذق والمنصف ونحوها وإطلاق الخمر عليها مجازا وعليه يحمل الحديث [حديث: "كل مسكر خمر"ونحوه]). رد المحتار (٦/ ٤٤٨)، وأبوحنيفة قيد عصير العنب الذي يسمى خمراً بوصف الغليان والشدة و قذف الزبد، وقذفُ الزبد تفرد بذكره أبوحنيفة، وخالفه الصاحبانِ و جمهورُ العلماء؛ فلم يذكروا إلا الغليان والشدة، والتقييد بوصف السكر أقرب.
(٤) انظر: حاشية الدسوقي (٤/ ٣٥٢).
(٥) قال الشافعي في الأم (٦/ ٢٢٣): (والخمر: العنب الذي لا يخالطه ماء ولا يطبخ بنار ويعتق حتى يسكر)، وقال الهيتمي: (وحقيقة الخمر عند أكثر أصحابنا المسكر من عصير العنب) تحفة المحتاج (٩/ ١٦٦)، وفي الإقناع للشربيني (٢/ ٥٣٠): (ونسب الرافعي إلى الأكثر أنه لا يقع عليها [أي: المسكرة من غير العنب] إلا مجازاً، أما في التحريم والحد فكالخمر).
(٦) النبيذ: هو نبيذ التمر والزبيب وغيرهما، سمي بذلك لأنه ينبذ فيه ويترك حتى يشتد. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه ص (٤٦)، المصباح المنير (٢/ ٥٩٠).
(٧) انظر: حاشية العدوي على شرح الخرشي (٨/ ١٠٨)، وذكر أن هذا هو محل النزاع بينهم وبين الحنفية، مع أنه وافقهم في تعريف الخمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>