يقول:(وكل ما ينتفع به مع بقاء عينه نفعاً مباحاً تصح إعارته، إلا البضع، وعبداً مسلماً لكافر، وصيداً ونحوه لمحرم، وأمة وأمرد لغير مأمون) ، والبقية تصح إعارته إذا كان نفعه مباحاً، فيحتاج الإنسان -مثلاً- إلى مطالعة في كتاب، وليس محتاجاً له دائماً فيستعيره من مكتبة أو من صديق له يقرأ فيه، ثم يرده، ولمن أعاره أجر، وكذلك يحتاج -مثلاً- لثوب أو لمشلح يتجمل به -مثلاً- في ليلة زفاف أو نحوه، وليس بحاجة إليه دائماً فتعيره ليتجمل به في تلك الليلة، ثم يرده.
يحتاج إلى قدر يطبخ فيه يوماً أو شهراً أو أسبوعاً إذا كان -مثلاً- مسافراً أو في قرية ليس له فيها أهل، فيستعير منك قدراًَ يطبخ فيه أو إناء يشرب به، أو سراجاً يستضيء به أو صحناً يأكل فيه فتعيره؛ فالإعارة في هذه الحال سنة وله أجر، وفي منعها إثم إذا كان مستغنياً عنها، وقد فسر قول الله تعالى:{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[الماعون:٧] ، أن المراد: منع العارية مع الاستغناء عنها.
إذا احتاج إنسان إلى دلوك ليجتذب به ماء من البئر، أو إلى قربتك ليجتلب بها ماءً لبيته، أو إلى قدر ليطبخ فيه، فتسن إعارته ويكره منعه مخافة الإثم؛ ولأنه لا يحتاج دائماً إلى هذه السلع، وإلا فمن حاجته غير عارضة فالعادة أنه يشتريها ويتملكها؛ وكذلك إذا احتاج إلى مسحاة ليحفر بها، أو زنبيل ليستعمله في الحفر -مثلاً- أو منجل ليقطع به حشيشاً أو نحوه، أو فأس ليقطع بها حطباً، وما أشبه ذلك، فإعارته فيها فضل وفيها أجر، وكذلك كل ما فيه منفعة، مع حاجة المحتاج إليه.