قال المصنف رحمه الله تعالى:[الثالث: شركة الوجوه، وهي: أن يشتركا في ربح ما يشتريان في ذمتهما بجاهيهما، وكل وكيل الآخر وكفيله بالثمن.
الرابع: شركة الأبدان، وهي: أن يشتركا فيما يتملكان بأبدانهما من مباح كاصطياد ونحوه، أو يتقبلان في ذممهما من عمل كخياطة، فما تقبله أحدهما لزمهما عمله وطولبا به، وإن ترك أحدهما العمل لعذر أو لا فالكسب بينهما، ويلزم من عذر أو لم يعرف العمل أن يقيم مقامه بطلب شريك.
الخامس: شركة المفاوضة، وهي: أن يفوض كل إلى صاحبه كل تصرف مالي، ويشتركا في كل ما يثبت لهما وعليهما، فتصح إن لم يدخلا فيها كسباً نادراً، وكلها جائزة، ولا ضمان فيها إلا بتعد أو تفريط.
فصل: وتصح المساقاةُ على شجر له ثمر يؤكل، وثمرة موجودة بجزء منها، وشجر يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر بجزء من الثمرة أو الشجر أو منهما، فإن فسخ مالك قبل ظهور ثمرة فلعامل أجرته، أو عامل فلا شيء له، وتملك الثمرة بظهورها، فعلى عامل تمام عمل إذا فسخت بعده، وعلى عامل كل ما فيه نمو أو صلاح وحصاد ونحوه، وعلى رب أصل حفظه ونحوه، وعليهما بقدر حصتيهما جذاد.
وتصح المزارعة بجزء معلوم مما يخرج من الأرض بشرط علم بذر، وقدره، وكونه من رب الأرض] .
ذَكَرَ المؤلف أن الشركة خمسة أضرب، وأشهرها شركة العِنان، وهي التي تحدث كثيراً، وذلك لأن الإنسان بمفرده قد يكون عنده مال قليل، ولا يستطيع أن يعمل فيه عملاً كثيراً، فإذا اشتركَ اثنان أو ثلاثة أو عشرة أو مائة، وكل واحد منهم دفع مالاً، ثم اشتركوا في التصرف كان ذلك سبباً لكثرة الأرباح وكثرة النَاتج من هذه الشركة، يفعلون ذلك في تجارة مثلاً، كأن يجمعوا مائة ألف أو ألف ألف، ثم يتجرون فيها، ويربحون غالباً أرباحاً مناسبة، سواءٌ أكانت تجارتهم في أشياء صغيرة أم كبيرة، ففي هذه الحال يكون الربح على ما شرطوا، وكذلك إذا اشترك اثنان في صناعة، جمعا رأس المال، ثم اشتركا في مصانع تصنع أشياء كبيرة أو صغيرة، والعادة أنها يكون لها إنتاج، وكذلك إذا جعلا المال في زراعة، اشتركا، ثم اشتريا أدوات الزراعة التي ينتج بها المزروعات، من الحبوب والثمار وما أشبه ذلك، ويكونان شركاء في النتاج.