قال المصنف رحمه الله:(فإن لم يفِ الثلث للوصايا تحاصوا فيه كمسائل العول) .
تقدم قريباً الفرق بين العطية والوصية، حيث ذكر أن العطية يبدأ فيها بالأول فالأول، وأما الوصية فيتحاصون فيها، أي: تقسم بينهم على قدر أنصبائهم إذا لم يفِ الثلث.
مثال ذلك كما سبق: قلنا: إذا كان مريضاً فقال في مرضه: أعطوا زيداً ألفاً.
ثم قال بعد يومين: أعطوا خالداً ألفين.
ثم قال بعد يوم: أعطوا سعيداً ألفين.
فكان مجموع العطايا خمسة آلاف، ثم لم نعطهم شيئاً لأنه مريض، وبعدما مات وجدنا أن ثلث التركة أربعة آلاف، ففي هذه الحالة نقول: لك يا زيد ألف لأنك أولهم، فخذ وصيتك كاملة، ولك يا خالد ألفين، وصيتك كاملة لأنك بعد زيد، ولك يا سعيد ألف، لأنه ما بقي من الثلث إلا ألف، فهو أمر لك بألفين لكن لم يبق إلا ألف، فتأخذ الألف الذي بقي.
هذا معنى أنه يبدأ بالأول فالأول في العطية.
وأما الوصية فإنهم يتحاصون، ففي هذه الحال إذا كان لزيد ألف، ولخالد ألفان، ولسعد ألفان، ووجدنا أن ثلث التركة أربعة آلاف، أي: نقص الخمس عن الوصايا؛ لأن مجموع الوصايا خمسة آلاف، والثلث إنما هو أربعة آلاف، فنقص الخمس، ففي هذه الحالة يتحاصون، فيسقط الخمس على كل واحد منهم، فالذي له ألف يسقط خُمُسه، فيبقى له ثمانمائة، والذي له ألفان يسقط الخمس، فيبقى ألف وستمائة، وبذلك تنقسم عليهم الأربعة الآلاف التي هي الثلث، هذا معنى قوله: يتحاصون فيه كمسائل العول.
وسيأتي العول في الفرائض، وأنه ينقص على الورثة بقدر سهامهم، وذلك عندما تزيد السهام وتنقص الحظوظ، مثاله: إذا ماتت امرأة ولها أم وأخت وزوج، فإن الزوج له النصف، والأخت لها النصف، والأم لها الثلث، فمن أين نعطي الأم؟ يدخل النقص عليهم، فكل واحد منهم ينقص نصيبه، فنقسم المال إلى ثمانية أسهم، فلك يا زوج ثلاثة أثمان، ولك يا أم ربع، ولكِ يا أخت ثلاثة أثمان، فدخل النقص عليهم جميعاً، هكذا مسائل العول.