للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى]

وقد ذكر الله تعالى هذه الفروض، وذكر أهلها.

يقول: (الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى ستة: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس) .

ويعبر بعضهم فيقول: (النصف ونصفه ونصف نصفه، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما) .

النصف، ونصفه وهو الربع، ونصف الربع وهو الثمن، والثلثان، ونصف الثلثين وهو الثلث، ونصف الثلث وهو السدس.

وإذا شئت قلت: الثلثان والنصف، ونصف الثلثين ونصف النصف، ونصف نصف الثلثين، ونصف نصف النصف.

وقد ذكر الله تعالى النصف في ثلاثة مواضع: في قول الله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء:١١] يعني: من الذرية.

الموضع الثاني: في قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء:١٢] .

الموضع الثالث: في قوله تعالى: {إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء:١٧٦] .

هذه ثلاثة مواضع ذكر الله فيها النصف.

وذكر الله الربع في موضعين: في حق الزوجين، في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء:١٢] .

وذكر الثمن في موضع واحد: قال تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء:١٢] .

وذكر الله الثلثين في موضعين: في قول الله تعالى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء:١١] ، هذا الموضع الأول.

والموضع الثاني: في قوله تعالى: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء:١٧٦] .

وذكر الله تعالى الثلث في موضعين: في قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء:١١] .

والموضع الثاني: في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء:١٢] .

وذكر الله تعالى السدس في ثلاثة مواضع: في قوله تعالى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء:١١] .

ثم قال: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء:١١] .

ثم قال: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء:١٢] ، فذكر السدس في ثلاثة مواضع.

ولأجل ذلك نعرف أن الفرائض بينها الله تعالى، فالله تعالى هو الذي وضحها وبينها، أنزل فيها ثلاث آيات من سورة النساء: قوله تعالى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:١١] إلى آخر الآيتين.

والآية التي في آخر السورة، وهي قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النساء:١٧٦] إلى آخر الآية، فذكر الله تعالى فيها هذه الفرائض، وذكر فيها أيضاً التعصيب.

وذكر ذوي الأرحام في آخر سورة الأنفال: {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال:٧٥] ، وكذا في سورة الأحزاب: (وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب:٦] .

وأجمل الله الفرائض أول ما أنزل قول الله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} [النساء:٧] ، هؤلاء هم الذين ذكر الله تعالى ميراثهم.

وكانوا قبل أن تنزل الفرائض يوصي الميت عند قرب موته فيقول: أعطوا والدي كذا، ووالدتي كذا، وابني كذا، وابنتي كذا، وأخي، عملاً بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة:١٨٠] ، فلما نزلت الفرائض نسخت الوصية للأقربين الوارثين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) .