أما سنن الخطبة: فالسنة الأولى: أن يكون على منبر، أو موضع عال حتى يشرف على المأمومين، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على جذع نخلة معروف في قبلة المسجد، ثم صنع له المنبر وجعل ثلاث درجات، فكان يخطب عليه، فيتأكد أن يكون الإمام أعلى من المأمومين في حالة إلقاء الخطبة.
السنة الثانية: سلام الخطيب، إذا خرج فإنه يبدؤهم بالسلام فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسلم إذا دخل سلاماً عادياً، ويسلم سلاماً عاماً إذا أقبل عليهم.
السنة الثالثة: الجلوس إلى فراغ الأذان؛ يجلس حال الأذان على كرسي أو نحوه، فإذا فرغ الأذان ابتدأ، وكذلك يجلس بين الخطبتين، يفصل بينهما بجلوس ليستريح فيه.
اختلف في خطبة القاعد هل تصح أم لا؟ كثير من العلماء يقولون: القيام سنة، لو خطب وهو جالس لأجزأ ذلك، فيذكرون أن عثمان رضي الله عنه كان يخطب جالساً، وكذا بعض خلفاء بني أمية، ولكن عذر عثمان العجز والكبر، لأنه كان قد تجاوز الثمانين من عمره، فكان يشق عليه إطالة القيام، وإلا فالصحيح القيام في الخطبة لقوله تعالى:{وَتَرَكُوكَ قَائِماً}[الجمعة:١١] .
ومن السنن أيضاً: أن يعتمد بيده على سيف أو عصا، يعني: أي شيء يعتمد عليه بجنبه، كانت عادة الخطباء أن يرتجلوا الخطبة، فيمسكون بأيديهم عصاً أو قوساً أو سيفاً أو نحو ذلك، فالأفضل أن يمسك عصاً معتادة، وكونه صلى الله عليه وسلم أمسك مرة سيفاً لعله لم يتيسر له إلا هو.
ومن السنن أيضاً: أن يقبل بوجهه على من أمامه، يقصد بتلقاء وجهه، لكن إذا احتاج إلى أن يلتفت يميناً ويساراً ليسمع من هاهنا ومن هاهنا، بحيث لا يكون هناك مكبر فلا بأس، وأما تقصيرهما فقد عرفنا أنه تقصير نسبي، والثانية أكثر تقصيراً، يعني: يطيل الأولى ويقصر الثانية، وتقصيره الخطبتين تقصيراً نسبياً.
ومن السنن أيضاً: أن يدعو للمسلمين، كان المجاهدون في تلك السنين يتحرون وقت الخطبة فيبدءون في القتال، ويقولون: هذا الوقت الذي يدعو فيه الخطباء للمجاهدين، فيدعو للمسلمين عموماً، ومن جملتهم المجاهدون.
وهل يباح الدعاء لمعين؟ أباحوا ذلك للسلطان؛ لأن صلاحه صلاح للرعية، ولو ذكر باسمه أو بصفته أو بكنيته أو بلقب يتميز به، أو بلفظه الذي يختص به كأن يقول: اللهم وفق سلطاننا أو إمامنا أو نحو ذلك، وذلك لأن صلاح الأئمة أمر مقصود للأمة، وفيه مصلحة عظيمة.