ثم ذكر المصنف المحرمات فقال:(وحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان) .
وردت أحاديث كثيرة في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة، واختلف في قضاء الحاجة إذا كان في البنيان، فأكثر الفقهاء استثنوا البنيان، وحملوا عليه حديث عبد الله بن عمر الذي في الصحيحين وهو مذكور في العمدة:(أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبلاً الشام مستدبراً الكعبة) ، وحملوا عليه بعض الأحاديث الواردة في ذلك.
ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية والشوكاني في النيل والمباركفوري في (تحفة الأحوذي) أنه لا يجوز لا في صحراء ولا في بنيان لعموم الأحاديث، وحملوا الأحاديث التي فيها الاستقبال أو الاستدبار أنها من الأفعال، وهي تحتمل أنها للخصوصية، والحكمة في ذلك تنزيه القبلة التي يستقبلها المصلي، سواء في صحراء أو في بنيان، فتنزه عن أن يستقبلها الذي يقضي حاجته بفرجه أو يستدبرها بدبره، فيكون في ذلك استهانة بهذه القبلة.
فالراجح: أنه لا يستقبلها لا في بنيان ولا في صحراء، لكن إذا كان هناك ضرورة عفي عن ذلك، كما في حديث أبي أيوب يقول:(فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها، ونستغفر الله عز وجل) .
قوله:(ويحرم لبثه فوق حاجته) ، يعني: إطالة جلوسه وهو على نجاسته بغير حاجة كما هو فعل الموسوسين، بل عليه إذا قضى حاجته واستنجى أن يخرج.
قوله:(ويحرم بوله في طريق مسلوك ونحوه، وتحت شجرة مثمرة ثمراً مقصوداً) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟! قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم) الطريق المسلوك، والظل الذي يستظل فيه الناس؛ لأنهم ربما وقعوا في النجاسة، وكذلك الثمرة المقصودة، كثمر العنب والنخل ونحو ذلك؛ لأنه قد يتساقط فيتلوث بالنجس.