قال:[ومن قيد حراً مكلفاً] يعني: ربط رجليه وربط يديه وأصبح متحسراً لا يقدر على التخلص، فجاءته حية فنهشته فمات، أو جاءه أسد فافترسه، أو حيوان غيره جاءه فافترسه أو أصابه، أو نزلت عليه صاعقة، فهذا الجاني اعتدى على حر مسلم وقيده وأوثقه، ولا شك أنه أخطأ، وعليه الدية، فقد يقول: كيف أدفع الدية والذي قتله غيري؟! الذي قتله هذا السبع أو هذه الصاعقة أو هذه الحية، ما أنا الذي قتلته!
الجواب
أنت الذي تسببت حيث قيدته فلم يقدر على أن يهرب من السبع، ولا أن يتخلص من الحية، ولا أن يهرب من مكان الصاعقة، فعليك ديته؛ لأنك ربطته بهذا الرباط الذي قيده حتى لم يستطع التخلص، فالدية على هذا المقيِّد.
والمكلف هو البالغ العاقل، قال:[حراً مكلفاً] ، وإذا كان مملوكاً فعليه قيمته لسيده.
قال:[أو غله] الغلُّ هو أن تربط الأيدي في الرقبة، قال تعالى:{إِذْ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ}[غافر:٧١] ، وقال:{غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ}[المائدة:٦٤] يعني: ربطت في أعناقهم.
فإذا ربط يديه وعلقهما في رقبته سواء من الخلف أو من الأمام فقد تحسر، فلا يستطيع أن يحرك يديه، ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه حية أو نحوها.
وكذلك إذا غصب صغيراً في الخامسة أو السادسة من عمره، أي: أخذه من أهله وأخفاه، ففي هذه الحال أيضاً يكون عليه الدية إذا لدغته حية أو أكله سبع أو مات بالبرد أو بالشمس أو نحو ذلك، فإن هذا الغاصب الذي اعتدى عليه يدفع الدية، أما إذا مات بمرض أو مات فجأة ففي هذه الحال يقال: لا دية عليه؛ لأنه مات بالمرض، ويقول: كان قبل أن أوثقه مريضاً بمرض كذا وكذا، وموته بسبب مرضه ليس بسببي.
وكذلك موت فجأة، لكن قد يقال: إن موته فجأة بسبب الحسرة، بمعنى أنك لما أوثقته وتحسر اشتدت عليه هذه الآلام وهذه الأمراض النفسية، فأدت إلى موته موت حسرة أو موت فجأة، فأنت السبب، فعليه دية.