للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صريح الطلاق وكنايته]

ذكروا أن الطلاق له صريح وله كناية: فصريح الطلاق إذا قال: أنت طالق، أو قد طلقتك، أو أنت مطلقة، فيقع الطلاق بصريحه مطلقاً، وكذلك معنى الطلاق كما لو قال: فارقتك أو خلعتك أو لست في ذمتي، أو أنت لست زوجة لي أو ما أشبه ذلك، الطلاق والتسريح والفراق ورد في القرآن في قوله تعالى: {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة:٢٣١] ، وفي قوله: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق:٢] ، إذا قال: سرحتك، أو أنت مسرحة، فارقتك أو أنت مفارقة، طلقتك أو أنت مطلقة؛ فهو صريح، وكذلك يكون صريحاً بلفظ (طلاق) وما تصرف منه: طلاق، وطالق، أنت طلاق، وأنت طالق، وأنت مطلقة، قد طلقتك، وما تصرف منه، إلا الأمر لا يقع به، إذا قال: اطلقي أو اسرحي، فهذا أمر لا يقع به الطلاق، وكذلك المضارع مثل: تطلقين أو تسرحين، هذا أيضاً لا يصح، لا بد أن يكون بلفظ الماضي أو بلفظ اسم المفعول مطلَّقة، أما إذا قال: مطلِّقة (بكسر اللام) فلا يقع الطلاق؛ لأنه يقصد أنت مطلقة لغيركِ.

وأما الكنايات فهي كثيرة: مثل أن يقول: اخرجي، اذهبي، ذوقي، تجرعي، حبلك على غاربك، أو قال مثلاً: بتتكِ، أنت خلية، أنت برية، أنت بائن، أنت حرة، أنت حرج، فهل يقع الطلاق بهذه الكنايات التي ليست صريحة؟ يقع بالكناية إذا نوى، فيقال له: هل نويت؟ إذا قلت مثلاً: اخرجي، ذوقي، تجرعي، حبلك على غاربك، أنت خلية، أنت برية، أنت حرة، أنت حرج، هل نويت طلاقاً، أم لم تنوِ طلاقاً؟ فإن قال: قلت لها: أنت حرة؛ لأنها ليست مملوكة، أنت حرة؛ يعني: بنفسكِ، ما ملكتكِ ملكاً كما تملك الإماء.

وكذلك قوله: أنت الحرج، فإن قال: لا أريد بذلك أنها محرمة علي، وإنما أريد أن أحرجها، وقولي لها: اذهبي ذوقي اخرجي، ما أريد إلا تأديبها، أما إذا قال: نعم، قد أردت فراقها؛ فإنها تطلق بهذه الكناية.

إذا قال: أنت علي حرام، أو أنت كظهر أمي، أو ما أحل الله علي حرام، فهذا ظهار، يأتينا في باب الظهار كفارته هي المذكورة في أول سورة المجادلة، فإنه إذا حرم امرأته فالتحريم يعتبر ظهاراً، إذا قال: أنت علي كظهر أمي، أو كظهر أختي، أو كظهر ابنتي أو كبطنها أو كفرجها، فإن هذا أيضاً ظهار، أو ما أحل الله منكِ علي حرام؛ فهذا ظهار، فإذا قال: نويت الطلاق، نقول له: لا يقع، لكن عليك كفارة أو عليك أن تصرح بالطلاق.

إذا قال: أنت علي كالميتة أو كالدم أو كلحم الخنزير، يعني: محرمة، وقع ما نواه، إن كان نوى طلاقاً وقع طلاقاً، وإن كان لم ينوِ فإنه ظهار، ومع عدم النية يكون ظهاراً.

إذا قال: هلكت بالطلاق وكذب؛ فإنه يديَّن، هل أنت صدقت في أنك هالك بالطلاق؟ فإذا قال: ما أردت إلا اليمين، ما أردت الطلاق، فإنه يديَّن ويكون عليه كفارة اليمين.

وأما إذا قال: حلفت بالطلاق، أو علي الطلاق من امرأتي أن أفعل كذا وكذا، وكان قد نوى الطلاق، فإنه يقع، ويلزمه حكماً ظاهراً، فإذا طالبت امرأته وقالت: إنه قد حلف بالطلاق، وقال مثلاً: إن لم تخرجي فأنتِ طالق، إن لم تركبي معي فأنت طالق، أو قال: إن خرجت مع فلان فأنت طالق، وكان يريد الطلاق؛ فإنها تطلق، فإن كان لا يريد إلا اليمين يديَّن.