وإذا وجبت النفقة على اثنين أو على ثلاثة أو أربعة فإنها توزع عليهم إن كانت درجتهم سواء، يدفعونها شهرياً أو سنوياً، فمثلاً: إذا كان الوالد فقيراً، وله أولاد خمسة كلهم أغنياء، والنفقة التي يحتاجها الوالد شهرياً ألف، فإنه يوزعها عليهم: كل واحد عليه مائتان، يدفعونها لأبيهم شهرياً.
وإذا قال أحدهم: أنا أشتري بها لهم حاجات فله ذلك، كما إذا قال: أنا أشتري لهم بهذه المائتين قهوة، أو أشتري فاكهة، أو أشتري لحماً؛ لأنه مما يحتاجون إلى ذلك، فإن كان إرثهم متفاوتاً كابن وبنت، وكلهم أغنياء، والأب أو الأم فقير، فإنا نجعل على الابن ثلثي النفقة، وعلى البنت الثلث؛ لأن ميراثهم هكذا، وكذا إذا كانوا ورثة متفاوتين، فإذا كان إنسان فقيراً، وله أختان شقيقتان غنيتان، وله -أيضاً- أختان من الأم غنيتان، معلوم أن الأختين الشقيتين ترثان الثلثين، فعليهما الثلثان من النفقة، والأختان من الأم ترثان الثلث، فعليهما ثلث النفقة فتقدر النفقة، وتدفع هاتان الثلثين، وهاتان الثلث.
فإن كانت هذه الأخت لها أختان شقيقتان، وأخت من الأم، وأم، وكلهم أغنياء، قسمنا نفقة هذه الأخت الفقيرة، فنجد أن على أمها السدس، وأختها من الأم السدس، وأختها الشقيقة الثلث، وأختها الشقيقة الأخرى الثلث، فتقوم أثلاثاً: على الأم والأخت، للأم الثلث، وعلى كل واحدة من الأختين الشقيقتين الثلث.
فإذا كان هناك امرأة ولها أخت شقيقة، وأخت من الأب، وأخت من الأم، وأم، فإنا نوزعها عليهن فنقول: الشقيقة ترث النصف، فعليها نصف النفقة، والأخت من الأب ترث السدس، فعليها سدس النفقة، والأخت من الأم عليها سدس النفقة، والأم عليها سدس النفقة، أي: بقدر ميراثهن.
يقول:(وهي على كُل بقدر إرثه، وإن كان أبٌ انفرد بها) .
أي: لو كان هناك رجل فقير، وله أب غني، وأم غنية، وزوجة غنية، فنفقته كلها على الوالد؛ لقول الله تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ}[البقرة:٢٣٣] فإذا كان مأموراً بالإنفاق على زوجاته فكذلك على أولاده، فينفرد بالنفقة على أولاده، وهذا هو المعتاد: أن الوالد يجمع المال لينفقه على أولاده، فينفرد بنفقة الفقير منهم، ولو كان منهم أغنياء، فالولد الفقير يطلب النفقة من أبيه ولا يطلبها من أخيه، وإذا كان له أخ غني، وأب غني، فإن نفقته على الوالد، هذا هو المعتاد.