قوله:(وفي جزاء صيد بين مثل مثلي) : أما جزاء الصيد، فيخيّر بين إخراج المثل إذا كان مثلياً، أو تقويمه بدراهم يشتري بها طعاماً يجزئ في زكاة فطرة، فيطعم عن كل مسكين مد بر، أو نصف صاع من غيره، أو يصوم عن كل طعام مسكين يوماً، وهذا الإطعام أو الصيام يلزم في غير المثلي، فالله تعالى جعل الخيار في قوله:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ}[المائدة:٩٥] فهذا الخيار الأول: {جَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة:٩٥] ، ثم قال:{أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ}[المائدة:٩٥] ، ثم قال:{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً}[المائدة:٩٥] فهذه الآية في سورة المائدة ذكر الله تعالى فيها جزاء الصيد، وذكر أنه محرم، ثم ذكر أنه بعد الإحلال يباح صيده، قال تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة:٢] ، وقال تعالى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً}[المائدة:٩٦] ، والصيد إما أن يكون مثلياً أو غير مثلي، فإذا كان له مثل فإنه يقومه بدراهم فيشتري بها طعاماً يجزئ في زكاة الفطرة؛ فيطعم كل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره، أو يصوم عن كل مسكين يوماً، أو يخرج المثل ويذبحه ويطعمه المساكين.
مثال ذلك: إذا اصطاد أو ذبح أرنباً، فالأرنب فيها عناق، وهي السخلة التي عمرها ثلاثة أشهر أو أربعة، فنقول له: إما أن تذبح العناق وتطعمها للمساكين أو تقدر ثمنها، فمثلاً: لو قدرنا ثمنها بخمسين ريالاً فتشتري بالخمسين الريال طعاماً من البر أو من الأرز وتعطي كل مسكين مداً من البر أو نصف صاع من غيره، فإذا شق ذلك عليك واخترت الصيام فإننا نقدر فنقول: قيمة العناق خمسون ريالاً، وتساوي من البر أو من الأرز -مثلاً- خمسة آصع، والخمسة الآصع طعام عشرة مساكين، فتصوم عشرة أيام.
وقد يكثر الصيام، فلو قدرنا أن عليه بدنة إذا قتل نعامة، فيذبح بدنة أو نقدر قيمتها مثلاً بثلاثمائة ريال، والثلاثمائة ريال يشتري بها من الأرز ثم يطعمه كل مسكين نصف صاع من الأرز، ونقدر أن قيمة الصاع خمسة، فلكل مسكين نصف صاع، وإذا عجز فإنه يصوم عن كل مسكين يوماً ولو كثرت الأيام.