يقول:[وتصرف كل منهما فيه بغير إذن الآخر باطل إلا عتق راهن] ، فلا يجوز للراهن أن يبيع العين المرهونة؛ لأنه يبطل حق المرتهن، ولا يصح للمرتهن أيضاً أن ينتفع بها، فلا يلبس الثوب المرهون ولا يستعمل الأشياء المرهونة استعمالاً يضر بها.
ويقولون: إذا كان الرهن مما يخشى فساده فإنه يباع، فلو رهنه شيئاً يفسد كالفواكه ونحوها فله أن يبيعها ويحتفظ بثمنها أو يقتضيه من دينه.
وكذلك التصرفات مثل البيع والهبة والوقف، فلو قال الراهن: قد وقفت هذه الدار بطل الوقف، وكذلك لو قال: قد وقفت هذا الكتاب المرهون أو هذه الأسلحة المرهونة بطل الوقف؛ لأنه قد تعلق بها حق للغير، وكذلك الهبة، فلو قال: وهبتك الكيس الذي هو عند فلان رهن لم تصح الهبة، وأشباه ذلك، واستثنوا من ذلك العتق فإنه يصح، فإذا كان الرهن عبداً وأعتقه الراهن هل يصح العتق أم لا؟ المؤلف يرى أن عتق الراهن يصح، وتؤخذ قيمته منه رهناً، والقول الثاني أنه لا يصح، وذلك لأنه تعلق به حق للمرتهن، فكيف يبطل حق غيره؟! فلو كان عنده قيمة لأوفى بها الدين، فإذا أعتقه فمن أين تؤخذ القيمة؟! فقد يقول: ما عندي شيء أرهنه أو أدفعه قيمة ولكنهم قالوا: تؤخذ قيمته ولو أمتعة، أو كان عنده عبد آخر جعل بدله، ولو كان عنده -مثلاً- سيارة أو دواب من الأنعام أخذها رهناً مكانه.
وقوله:[وهو أمانة في يد مرتهن] أي: الرهن فإذا كان المرتهن قد قبضه فإنه أمانة عند المرتهن، فلو تلف عنده ذهب على الراهن، فيكون من ضمان الراهن كما أن منفعته للراهن، فلو أجر البيت فأجرته للراهن، ولو احتاج الرهن إلى أجرة فهي على الراهن، فإذا كان الرهن بعيراً فعلفه على الراهن، وكذلك أجرة الراعي على الراهن، وإذا كان الرهن أكياساً تحتاج إلى مخزن فاستأجر له مخزناً فالأجرة على الراهن، وإذا زاد فزيادته للراهن، فإذا ولدت الشاة فولدها رهن معها، وثمرة الشجرة رهن معها، وأجرة الدار رهن معها، وإذا نقص فنقصه على الراهن، وهكذا.
وإن رهن عند اثنين فوفى أحدهما انفك نصيبه، فإذا رهن شاة عند اثنين، اشترى من هذا ثياباً واشترى من هذا طعاماً وقال: الشاة رهن عندكما.
ثم إنه أوفى واحداً منهما جاز أن يبيع الآخر نصف الشاة، وذلك لأنه قد أوفى نصفها فانفك في نصيبه، وكذلك العكس، فإذا كانت مثلاً شاة لاثنين، وجاءا إليك وقالا: هذه شاتنا ونحن بحاجة.
فاشترى أحدهما طعاماً بمائة واشترى الآخر ثياباً بمائة وقالا: نرهنك هذه الشاة التي هي بيننا نصفان.
فأوفى أحدهما نصيبه جاز أن يتصرف بنصف الشاة.
وكذلك لو كان مما ينقسم، فلو اشترى أحدهما فواكه والثاني اشترى لحماً ورهناك هذا الكيس وهو بينهما نصفان فأوفى أحدهما دينه وقال: أعطني نصفي فإنك تقسمه وتعطيه نصفه، والنصف الثاني يبقى للآخر.