[ميراث العصبة مع الغير]
يقول: (وأخت فأكثر مع بنت أو بنت ابن فأكثر يرثن ما فضل) .
ويسمى هذا: التعصيب مع الغير، فالأخوات مع البنات عصبات، دليل ذلك حديث ابن مسعود: (فإنه رفع إليه رجل مات، وله بنت وبنت ابن وأخت شقيقة، فسألوا أبا موسى فجعل المال نصفين بين البنت والأخت، وأسقط بنت الابن، وقال للسائل: ائت ابن مسعود فسيوافقني) ، ظن أبو موسى أن الله ذكر البنت في أول السورة بقوله: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء:١١] ، وذكر الأخت في آخر السورة بقوله: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء:١٧٦] فأعطى البنت النصف والأخت النصف، وأسقط بنت الابن.
(فجاءوا إلى ابن مسعود فأخبروه بجواب أبي موسى، فقال: قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت) .
فهذا الحديث فيه أن الأخت أخذت الباقي، ومعلوم أنه ليس فرضاً، فإن الأخت لا ترث فرضاً إلا في الكلالة، وهاهنا ليست المسألة كلالة؛ لوجود الفرع الوارث، وهو البنت وبنت الابن، فإنهما من الولد، والله تعالى ما ورّث الأخت إلا مع عدم الولد؛ لقوله تعالى: {إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء:١٧٦] ، فلذلك أعطوا البنت النصف، وبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وبقي ثلث، فأعطوا الأخت، وسموا هذا تعصيباً مع الغير.
القياس في هذه المسألة: أن نعطي البنت النصف، وبنت الابن السدس تكملة الثلثين، ونقول الباقي لأولى رجل ذكر؛ وذلك لأن الأخت لا ترث إلا في الكلالة، وهاهنا ليست المسألة كلالة، ولأن الله تعالى إنما ورّث الأخت عند عدم الولد: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء:١٧٦] ، وهاهنا الولد موجود، فإن البنت ولد، وبنت الابن ولد، فهذا هو القياس، ولكن اتبعنا النص، وهو الحديث، وقلنا: لا قياس مع النص، وجعلنا الأخت لها الباقي، وسميناه تعصيباً مع الغير، فتأخذ ما بقي في المسألة قليلاً كان أو كثيراً، وقد تُقَدَّم في هذه الحال على الذكور.
فلو مات ميت عن بنت وأخت شقيقة، وأخ من الأب، فإن البنت لها النصف فرضاً، والنصف الباقي نعطيه الشقيقة تعصيباً مع الغير، ولا شيء للأخ من الأب؛ لأن الأخت الشقيقة أصبحت عصبة مع الغير، فتكون أقدم منه، فهذا معنى: أن الأخت أو الأخوات مع البنت أو بنت الابن فأكثر يرثن ما فضل، قليلاً كان أو كثيراً.
فبنت وخمس أخوات شقائق: للبنت النصف فرضاً، والباقي للأخوات الشقائق.
بنتان وأخوات شقائق أو من الأب: للبنتين الثلثان، والباقي للأخوات من الأب، أو الأخوات الشقائق تعصيباً مع الغير.
بنتان وأم وخمس أخوات شقائق: البنتان لهما الثلثان أربعة من ستة، والأم لها السدس واحد من ستة، ويبقى عندنا السدس تأخذه الأخوات تعصيباً مع الغير.
إذا كان عندنا بنتان، وأم، وزوجة، وعشر أخوات شقائق: في هذه الحال البنتان لهما الثلثان ستة عشر من أربعة وعشرين، والأم لها السدس أربعة من أربعة وعشرين، فهذه عشرون، والزوجة لها الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين، بقي واحد من أربعة وعشرين تأخذه الأخوات الشقائق أو الأخوات لأب، ونسميه تعصيباً مع الغير، فيأخذن ما فضل.
وكذا لو كان بدل البنات بنات ابن: فإذا مات ميت عن بنتي ابن وأخت شقيقة؛ فلبنتي الابن الثلثان، وللأخت الشقيقة ما بقي تعصيباً وكذلك إذا كانت أختاً لأب.