قال المصنف رحمه الله:(وتخرج الواجبات من دين وحج وزكاة من رأس المال مطلقاً) .
وذلك لأن هذه حقوق متعلقة بذمة المالك، فتعتبر مقدمة في التركة، فإذا كان عليه ديون فإنها تقدم على الوصايا، ذكر عن علي رضي الله عنه أنه قال:(إنكم تقرءون الوصية قبل الدين، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بالدين قبل الوصية) ، يريد قول الله في آيات المواريث:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء:١١] ، {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء:١٢] ، {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء:١٢] ، {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء:١٢] ، فقدم الوصية، فإذا مات شخص، فهل نقدم الوصية أو نقدم الدين؟ يقدم الدين، وما ذاك إلا لأن الدين حق آدمي قد استغله المالك، وقد استهلكه في حياته، فهو متعلق بذمته، وذمته مشغولة به، وفي الحديث (نفس الميت معلقة بدينه حتى يقضى عنه) ، فلذلك لابد أن يقدم الدين.
ذكروا أن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة والمضايقة، فلذلك نعرف أنها تؤدى قبل حقوق الله تعالى كالزكاة والحج؛ لأنها مبنية على المسامحة والمساهلة، ولذلك لا تجب الزكاة على الفقير، ولا يجب الحج على العاجز، ولكن إذا كان في المال فضل ومات ولم يحج لزم أن يخرج من ماله نفقة حج وعمرة من بلده، فلابد من ذلك، ويكون مقدماً على الوصايا، ويكون من رأس المال.
وكذلك أيضاً الزكوات، إذا مات وقد حلت الزكاة في ماله من نقود أو ماشية أو ثمار أو حبوب، فإنها تخرج من رأس المال؛ لأنها تعتبر ديناً، فالزكاة دين في ذمة الميت، فيخرج كما يخرج الدين الذي لآدمي، بمعنى أن هذه كلها تقدم على الوصية، وتخرج من رأس المال، ثم بعد ذلك تخرج الوصايا، أي: يبدأ بدين الآدمي، ثم بدين الله تعالى الزكاة والحج، ثم بالوصايا، والباقي يقسم على الورثة.