[المحرمات في النكاح بالنسب]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: ويحرم أبداً أمٌ وجدة وإن علت, وبنت وبنت ولد وإن سفلت, وأخت مطلقاً, وبنتها, وبنت ولدها وإن سفلت, وبنت كل أخ, وبنتها, وبنت ولدها وإن سفلت، وعمة وخالة مطلقاً.
ويحرم برضاع ما يحرم بنسب, ويحرم بعقد حلائل عمودي نسبه, وأمهات زوجته وإن علون، وبدخولٍ ربيبةٌ، وبنتها، وبنت ولدها وإن سفلت، وإلى أمدٍ أخت معتدته أو زوجته, وزانية حتى تتوب وتنقضي عدتها, ومطلقته ثلاثاً حتى يطأها زوج غيره بشرطه، ومسلمة على كافر, وكافرة على مسلم إلا حرةً كتابيةً، وعلى حر مسلم أمة مسلمة, ما لم يخف عنت عزوبة لحاجة متعة أو خدمة، ويعجز عن طول حرة أو ثمن أمة، وعلى عبد سيدته وعلى سيد أمته وأمة ولده, وعلى حرة قِنُّ ولدها.
ومن حرم وطؤها بعقد حرم بملك يمين إلا أمةً كتابيةً] .
يبوب الفقهاء على الفصل الأول: باب المحرمات في النكاح، ويذكرون أيضاً بعده باب نكاح الكفار؛ وذلك أنه لابد أن نبحث ونعرف متى تحرم المرأة، ومتى لا تحرم.
والمحرمات في النكاح قد ورد إجمالهن في القرآن، فذكر الله تعالى في القرآن سبعاً من المحرمات بالنسب، وذكر أيضاً اثنتين من المحرمات بالرضاع، وأربعاً من المحرمات بالمصاهرة، وواحدة محرمة بكونها زوجة للغير، ثم إن العلماء فصلوا: فأول المحرمات: الأم قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء:٢٣] وكلمة الأم تصدق على الوالدة، وتصدق على الجدة، فالجدة أم الأم تعتبر أماً، وكذلك الجدة أم الأب، فهي من الأمهات؛ لأنه إذا قيل: أمك وأم أمك، وأم أم أمك، وكذلك أم أبيك، وأم أبي أبيك؛ ففيها كلمة أم، ولا شك أن تحريمها لأجل الولادة، ولأنها التي ربت المولود، وأشفقت عليه في صغره، فتعتبر ذات تربية، وذات نعمة عليه، فلا جرم أن كانت أول المحرمات، وأول ما بدأ بها، فالذي ينكح أمه يعتبر قد أتى أكبر المنكر وأفحشه، وكذلك أيضاً أم الأم وإن علت، وأم الأب وإن علت.
الثانية: قوله: {وَبَنَاتُكُمْ} [النساء:٢٣] ، فجعل البنت بعد الأم، والبنت أيضاً خلقت من ماء الرجل، وهو الذي غالباً يحنو عليها ويرفق بها، فهي خلقت من مائه، وخلقت منه؛ فلذلك يتأكد تحريمها، ويدخل في كلمة: {وَبَنَاتُكُمْ} [النساء:٢٣] الفروع، فبنته، وبنت بنته، وبنت بنت بنته، وبنت ابنه، وبنت ابن ابنه، يعني: التي هو جدها، سواء كان أبا الأم، أو أبا الأب وإن بعدت يصدق عليها أنها بنته.
وكلمة (ولد) يدخل فيها الذكور والإناث، فالبنت ولد، يعني: مولدة، فبنتها تحرم، وكذلك الابن ولد، فبنته تحرم، وبنت ابن ابن، وبنت بنت ابن، وإن بعدت.
الثالثة: قوله: {وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء:٢٣] ، فالأخت خلقت معه، إما من ماء واحد إذا كانت أختاً لأبيه، أو اجتمعت وإياه في رحم واحد، إذا كانت أخته من الأم، فكلمة (مطلقاً) يدخل فيها الجميع: أخت من الأبوين، وأخت من الأب، وأخت من الأم، وكلهن يدخلن في كلمة: {وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء:٢٣] .
الرابعة والخامسة: ذكر الله تعالى بعدهن العمة والخالة فقال: {وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ} [النساء:٢٣] ، ويدخل في كلمة (عمتك) : أخت أبيك، وأخت جدك عمةُ أبيك، وكذلك أخت جدك أبي الأم، فهي عمة أمك، {عَمَّاتُكُمْ} [النساء:٢٣] يعني: أخوات آبائكم، وأخوات أجدادكم، آباء الآباء أو آباء الأجداد من جهة الأم أو من جهة الأب، فأخت جدك أبي أمك تعتبر عمة أمك؛ فتكون عمتك، وهكذا.
والخالة هي: أخت الأم، فأخت الأم تُسمى خالة، وكذلك خالة الأم أخت جدتك أم الأم، وخالة الأب أخت جدتك أم أبيك، وهكذا.
قوله: (مطلقاً) أي: تدخل فيه الأخت من أي جهة، فأخت أبيك من أبيه عمتك، وأخته من أبويه عمتك، وأخته من الأم عمتك، كذلك أخت جدك للأب عمة أبيك، سواءً كانت أخته من الأب أو من الأم أو من الأبوين، وأخت جدك أبي الأم عمة أمك، سواء كانت أخته من الأب أو من الأم أو من الأبوين، فالجميع يصدق عليها أنها عمة، وكذلك الخالة هي أخت الأم، سواء كانت أختها من أمها، أو من أبيها، أو شقيقة، يصدق عليها أنها خالتك أخت أمك؛ لأنها وأمك من أب واحد، أو من أم واحدة، أو من أب وأم، كذلك أيضاً خالة أمك، التي هي أخت جدتك من أب أو من أم أو من أبوين، الجميع تدخل في اسم العمة والخالة.
السادسة والسابعة: قال تعالى: {وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء:٢٣] ، وهاتان من المحرمات من النسب: بنت أخيك، وأخوك: يعم الأخ من الأب، أو من الأم، أو من الأبوين وهو الشقيق، فتحرم بنته عليك؛ لأنك عمها، كذلك بنتها وإن نزلت، وكذلك بنت ولدها.
فهذه التي أنت عمها حرام عليك؛ لأنها بنت أخيك، وبنتها تقول: أنت عم أمي فأنت محرم لها، أو عم جدتي فأنت محرم لها، كذلك بنت ابنها، تدعوك وتقول: يا عم أبي، فأنت عم أبيها، وإن بعدت، فبنت الأخ وبنت بنت الأخ، وبنت بنت بنت الأخ، وبنت ابن الأخ، وبنت ابن ابن الأخ، وبنت بنت ابن الأخ، وكل من تدعوك عماً لها، أو عماً لأحد أجدادها أو آبائها، تدخل في بنت الأخ.
كذلك بنت الأخت، أنت خالها، فهي تدعوك خال، سواء كنت أخاً لأمها من الأم، أو من الأب، أو من الأبوين؛ فهي تدعوك خالاً لها، كذلك بنتها، تقول لك: يا خال أمي، وكذلك بنت ابنها، تقول لك: أنت خال أبي، أو خال أبي أبي، أو خال جدي.
والأخوَّة سواء كانت من الأبوين أو من أحدهما؛ فالأخت وبنتها، وبنت بنتها، وإن نزلت، وبنت ابنها، وبنت ابن ابنها، وبنت بنت ابنها، وهكذا، كل من تفرع ممن تدعوك عماً لها أو خالاً، أو عماً لأمها أو لأبيها، أو عماً لجدها أو خالاً لها أو خالاً لجدها، أو نحو ذلك.
فهؤلاء سبع محرمات بالنسب.