الإمام الشافعي يقول: العلة هي الطعم، وقال: العلة في الذهب والفضة: الثمنية كما قال مالك، فعند الإمام الشافعي أن كل شيء يطعم ولو لم يكن قوتاً فإنه ربوي، وما ليس بمطعوم فإنه ليس بربوي، نأتي بأمثلة: عندنا مثلاً الحناء، هذا ربوي عند الإمام أحمد؛ لأنه مكيل، وليس ربوياً عند الشافعي؛ لأنه ليس بمطعوم، ولا عند الإمام مالك؛ لأنه ليس بقوت، وكذلك مثلاً زهر الورد ليس ربوياً إلا عند الإمام أحمد؛ لأنه يكال، وكذلك الصابون الذي يغسل به ليس ربوياً عند الإمام الشافعي؛ لأنه ليس بمطعوم، وليس بربوي عند مالك؛ لأنه ليس بقوت، ولكنه مما يكال، فهو ربوي عند الإمام أحمد، كذلك الأشنان الذي كانوا يغسلون به، هو ربوي عندنا دون مذهب الإمام مالك والشافعي، وكذلك النورة التي يطلى بها وما أشبهها، فهذه ربوية عندنا، وليست ربوية عند الشافعي؛ لأنها ليست مطعومة، ولا عند الإمام مالك؛ لأنها ليست بقوت.
أما القهوة فهي عندنا ربوية؛ لأنها مكيلة، وربوية عند الشافعي؛ لأنها مطعومة، وليست ربوية عند مالك؛ لأنها ليست قوتاً، وكذلك الزنجبيل، وحب الرشاد، والقرنفل، والحب الحار وما أشبهها، فهذه ربوية عند الشافعي؛ لأنها مطعومة، وربوية عندنا؛ لأنها مكيلة، وليست ربوية عند مالك؛ لأنها ليست قوتاً، فهذه تعليلات الأئمة فيما هو ربوي من ربا الفضل.
نعود فنقول: إذا بيع مكيل بمكيل، أو موزون بموزون فلابد من شرطين: ١- التماثل؛ صاع بصاع، أو كيلو بكيلو.
٢- التقابض؛ يداً بيد، ولا تجوز الزيادة فيه ولو يسيراً، كتمرة بتمرتين، أو حفنة بحفنتين، لا نَساء ولا حالاً، فلا يصح إلا متساوياً، صاع بصاع، أو كيلو بكيلو، أو حفنة بحفنة.
أما إذا بيع بغيره فإنه يصح بشرط: قبض قبل تفرق، وصورة ذلك: بر بشعير، ماذا يشترط فيه؟ يشترط فيه التقابض دون التساوي، فيجوز صاع بر بصاعين شعير، ولكن لابد من التقابض، يداً بيد؛ لأنه قال في الحديث:(فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) مثلاً صاع زبيب بصاعين تمر ماذا يشترط فيه؟ يشترط فيه التقابض دون التساوي، صاع بصاعين يجوز؛ لأنه قد يكون الزبيب أغلى، فيقال: صاع زبيب بصاعين تمر.
هذا معنى قوله:(وبغيره مطلقاً) يعني: ويجوز في غيره أن يباع مكيل بموزون، أو أن يباع جنس بغير جنسه؛ لأنه قال هناك:(بيع لجنسه) ، وتفطن لكلمة (جنسه) ، تمر بتمر جنس بجنس، وأما تمر بزبيب فجنس بجنس آخر ليس بجنسه، فيشترط فيما بيع بغير جنسه التقابض قبل التفرق، ويجوز التفاوت كصاع بصاعين.