متى يصح الاستثناء؟ اشترط له التلفظ أما إذا كان بالنية، فلا، مثال النية أن يقول: أنت طالق ثلاثاً، ثم قال: استثنيت واحدة بقلبي، أو زوجاتي الأربع مطلقات، وسئل بعد ذلك فقال: استثنيت فلانة، أو استثنيت اثنتين، هذا ما ينفعه؛ لا بد أن يكون الاستثناء باللفظ.
الشرط الثاني: شرط اتصال المكان، وشرط النية قبل تمام المستثنى منه، الاتصال أي: لا يكون مفصولاً، صورته مثلاً: إذا قال: أنت طالق ثلاثاً، وسكت نصف ساعة أو ربع ساعة ثم قال: إلا واحدة، لا ينفعه الاستثناء، لا بد أن يكون متصلاً بالكلام.
ذكر عن رجل أنه دخل على المنصور وعنده أبو حنيفة فقال له: إن أبا حنيفة يخالف جدك ابن عباس يقول: إن الاستثناء لا يكون إلا متصلاً، فقال المنصور: ما تقول يا أبا حنيفة؟ قال أبو حنيفة: إن هذا الرجل يزعم أنه ليس لكم بيعة عند الرعية، قال المنصور: لماذا؟ قال: يحلفون لكم، وإذا رجعوا إلى بيوتهم استثنوا، وصح لهم أن ينقضوا العهد؛ لأنهم قد استثنوا، فعرف المنصور أن الاستثناء لا يكون إلا متصلاً، وأقر أبا حنيفة على ذلك، والأثر الذي روي عن ابن عباس أنه كان يجيز الاستثناء ولو متأخراً، لم يثبت عنه على الصحيح، فهو أثر ضعيف، فالاستثناء لا بد أن يكون متصلاً، لكن لو سكت للتنفس صح، كما لو قال: أنت طالق ثلاثاً، ثم وقف يتنفس ثم قال: إلا واحدة، فهذا اتصال مكان.
ولا بد من النية قبل أن يتم المستثنى منه، فلو قال: أنت طالق ثلاثاً، وما كانت نيته الاستثناء، ولكنه لما أكمل كلامه قال: إلا واحدة، فلا تنفعه؛ لأنه ما نوى الاستثناء قبل تمام الكلام.