للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دية ما في الإنسان منه اثنان]

وأما الذي في الإنسان منه اثنان فالعينان، جعلهما الله تعالى اثنتين لحكمة، فإن إحداهما قد تمرض أو قد تذهب فيبصر بالأخرى، فيكون البصر كاملاً، فإذا فقأ إحدى عينيه ففيها نصف الدية، وإن فقأ العينين ففيهما الدية كاملة، وكذلك الأذنان، وقد تقول: الإذن ليست هي التي يسمع بها، ولكن الذي يسمع به هو الصماخ الداخل في الرأس! ولكن هذه الأذن الظاهرة تتلقى الصوت، ولذلك جعلها الله تعالى متوجهة نحو الصوت، فيقرع الصوت فيها ويدخل في الصماخ فيحصل السماع، مع أنها لو قطعت قد يبقى السماع يدخل في الأصمخة، ولكن لها فائدة في زيادة السمع، ومع ذلك هي زينة ظاهرة، ولهذا النساء يعلقن فيها شيئاً من الحلي وهو ما يسمى بالقرط، فإذا قطعت الأذنان ففيهما الدية كاملة، وفي الواحدة نصف الدية.

ومما في الإنسان اثنان الشفتان، ففي الواحدة نصف الدية وفي الثنتين كامل الدية، هذا قول الجمهور، وقال بعضهم: إن الشفة السفلى أكثر فائدة.

فجعل بعضهم فيها ثلثي الدية، وذلك لأنها تلقف الطعام وتلقف الشراب، ومع ذلك فمنفعتهما لا تتم إلا باجتماعهما، وفيهما مخرج بعض الحروف كالباء والميم، وكذلك بانضمامهما عند الكلام ينطق بالواو، ففيهما إعانة على الكلام، ومصلحتها ظاهرة، ففيهما الدية.

وهكذا اليدان فيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية، والرجلان فيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية، والثديان من المرأة فيهما الدية، وفي أحدهما نصف الدية، وفي الرجل ثندؤتان مكان الثديين، فإذا قطعتا ففيهما الدية، كذلك أيضاً في الإنسان الإليتان، ومنفعتهما ظاهرة، يجلس عليهما، ويرتفق بهما، ففيهما الدية، وكذلك في الرجل الأنثيان -الخصيتان- فيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وأشباه ذلك.