الشرط الأول: كون الذابح عاقلاً مميزاً، فإذا كان الذابح صبياً لا يميز فلا تحل ذبيحته، أما إذا كان مميزاً -أي: أكبر من سبع سنين- يعقل حلت ذبيحته، وإذا كان مجنوناً فإن ذبحه يكون بغير نية فلا تحل ذبيحته، وتحل ذبيحة الكتابي؛ لقول الله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة:٥] ، فسر طعامهم بأنه ذبحهم، وذلك لأن من شرعهم أن يذبحوا ذبحاً شرعياً فيذبحوا بالسكين، وكذلك يذكرون اسم الله عند الذبح، فإذا ذبحوا ذبحاً شرعياً حل ذبحهم.
أما في هذه الأزمنة فالغالب أنهم لا يذبحون ذبحاً شرعياً لأمور: أولاً: أنهم أو كلهم لا يذكرون اسم الله.
ثانياً: أنهم لا يذبحون، وإنما يسلطون عليها آلات تقطعها من الخلف، يقتلون -مثلاً- البقر أو الغنم، فيصفونها ثم يغمزون هذا المسمار فيأتي عليها من رءوسها فيقطعها من الخلف فتسقط الرءوس، لكن يقول بعضهم: إذا كان مسمى وأتى السكين على الحلق قبل أن تموت فإنها تباح، أما لو قطع -مثلاً- العنق من فوق ولم يقطع الحلقوم ولا المريء ولم يقطع الودجين فإنه لا يسمى ذابحاً، وكثير منهم يقطعون عظم الرقبة ويبقى الرأس متدلياً، ولا يقطعون الحلقوم حتى تموت فيكون ذلك ذبحاً شرعياً.
كذلك الطيور عندما يذبحونها يعلقونها -مثلاً- بأرجلها، ثم تمر على ماء يغلي فتنغمس فيه، وإذا انغمست كشط جلدها، والغالب أنها تموت، فإذا خرجت من هذا الماء الحار مرت على سكينة لتقطع رءوسها، وأحياناً لحركتها لا تقطع إلا المنقار، وأحياناً لا تقطع الرأس بل تضرب المنقار فتتعدى وتسقط وهي حية -أي: ما قطع رأسها- في الكرتون، ثم تمر بعد ذلك على كماشة تأخذ الريش الذي عليها حتى تسلخها، ثم بعد ذلك تمر على آلة تقطع الرجل وتسقط، ولا شك أن مثل هؤلاء ما ذبحوا حتى ولو كانوا مسلمين، فلا يحل ذبحهم والحال هذه، أما إذا تحقق أنهم يذبحون بسكين حادة، وأنهم يصفون الدم فإنه يباح.
والحكمة من الذكاة خروج هذا الدم؛ لأن بقاء الدم في هذا الطير أو في هذا الحيوان يفسد لحمه، ولكن كثيراً من أهل المصانع يتركون الدم فيها لأنه يزيد في الوزن، فيزيد في الوزن -مثلاً- ولو جراماً أو جرامين؛ لأنهم يجهزون -مثلاً- مائة ألف من هذا الحيوان يومياً، وهذه الزيادة التي هي جرام تزيد في الثمن، فيأخذون عليها ثمناً، فلأجل ذلك يحاولون أن لا يقطعوا الرأس إلا بعد أن تموت ويبقى الدم فيها، فنقول: إن ذبحهم -والحال هذه- أقرب إلى أنه محرم، فمن التنزه أن لا تؤكل ذبائحهم، وهذه اللحوم المستوردة قد كتب فيها شيخنا عبد الله بن حميد رحمه الله رسالة مطبوعة بعنوان (اللحوم المستوردة) ورجح فيها أن لحومهم غالباً ليست مذبوحة ذباحاً شرعياً.