قال:(وعليه العدل بين المتحاكمين في لفظه ولحظه ومجلسه ودخول عليه) العدل هو المساواة، والمتحاكمان هما المتخاصمان، عليه أن يعدل بينهما أي: أن يسوي بينهما في لفظه، فلا يلين في الكلام مع أحدهما والآخر يشدد عليه، بل يكلمهما سواء، فيعدل بينهما، أما كونه يلين مع واحد أو يساره فيتكلم معه سراً فإن هذا فيه حيد، فعليه أن يعدل بينهما في كلامه، ولا يكلم أحدهما سراً والآخر لا يسمع، فإن هذا يكون مطعناً عليه.
وكذلك في لحظه، أي: نظره، فإذا كان ينظر إلى واحد من المتخاصمين اتهمه الآخر، ويقول: كونه دائماً كان يحدق النظر إلى خصمي يدل على أنه مال معه، وأنه ظلمني بهذا الميل، فيكون ذلك سبباً في الطعن عليه، فلابد أن يلحظهما سواء.
وكذلك مجلسه، ورد في الشرع أن الخصمين يجلسان أمام القاضي، ولو كان أحدهما أميراً أو ثرياً أو كبيراً، يجلسان سواء بين يدي القاضي ولا يرفع مجلس أحدهما عن الآخر، بل يجلسهما سواء، فإن كانا على كرسيين سوى بينهما، وإن كانا على الأرض سوى بينهما، ولا يجلس أحدهما على فراش أحسن من الثاني، ولا أحدهما على الأرض والآخر على الفراش، بل يسوي بينهما في مجلسه.
كذلك يسوي بينهما في الدخول عليه، فيدخلان عليه سواء؛ لأنه لو دخل واحد وحجب الآخر اتهمه ذلك المحجوب، ويقول: دخل عليه وحده وأسر إليه وكلمه، وأنا حجبني ومنعني، وما أدخلني إلا بعد مدة، فلابد أن يدخلا عليه سواء، وذلك من العدل.