سواءً المدعي أو المدعى عليه، إذا كذب أحدهما فما أخذه حرام، فهذا المدعي إذا كان كاذباً، فجاء إليك وهو يعلم كذب نفسه وأنه مبطل، وإنما أراد أن تعفيه، وقال: عندك لي دين عشرة آلاف.
أو: أنا أدعي عليك نصف هذا البعير أو نصف هذه الدار.
فاشتريت سمعتك وأعطيته خمسة آلاف، أو أعطيته شاة أو نحو ذلك لقطع نزاعه لا شك أنه أكل حراماً؛ لأنه يعرف كذب نفسه، فما أخذه حرام.
وكذلك العكس، فلو أن المدعى عليه أنكر وكان عالماً بصدق المدعي، ولكنه قال: هذا إنسان ليس عنده بينة، وسوف أجحده، وإذا جحدته أعطيته نصف ماله الذي يدعيه أو ربعه حتى يترك لي الباقي، فأنا أعرف أن عندي له عشرة آلاف، ولكن سوف أجحدها حتى يقنع بخمسة آلاف أو بثلاثة آلاف.
فهذا حرام، فأنت تعترف في باطن الأمر، فأعطيته نصفها والباقي حرام عليك؛ لأنك جحدته وأنت تعرف أنه محق في دعواه.
فهذا ما يتعلق بالصلح، والفصل الذي بعده تابع للصلح، ويسمى أحكام الجوار، وأحكام المتجاورين والمشتركين في بعض الأعيان.