ذكر كتاب الزكاة بعد كتاب الصلاة؛ لأنها قرينتها، فالصلاة تذكر بلفظ الإقامة، والزكاة تذكر بلفظ الإيتاء، كقوله:{وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}[البينة:٥] ، {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة:٤٣] فقد أمر بالزكاة أمراً مطلقاً قبل الهجرة في السور المكية، وأما أنصبتها ومقدارها وشروطها فإنما وجدت في المدينة، وذلك بعد وجود أسبابها؛ لأن أهل مكة كانوا يتصدقون بكل أموالهم أو جلها، كما قال تعالى في شأن أبي بكر رضي الله عنه:{الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}[الليل:١٨] ، وكذلك يروى أن قوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى:١٤] نزل في أبي بكر وفي غيره.