للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ولاء المعتق]

ثم يقول: (ومن أعتق رقبة أو عتقت عليه فله عليها الولاء، وهو أنه يصير عصبة لها مطلقاً عند عدم عصبة النسب) : قد ذكرنا أن الولاء من أسباب الإرث، فمن الأسباب التي يحصل بها التوارث الولاء، وذكرنا أنهم عرفوه بأن الولاء: عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق، فيرثه هو وورثته المتعصبون بأنفسهم، لا بغيرهم ولا مع غيرهم؛ وذلك لأنه إذا أعتق هذا العبد أو تسبب في عتقه، حتى ولو كان كفارة، أصبح ذلك العبد مولىً لذلك المعتق، قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب:٤] إلى قوله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب:٥] ، فسماهم الله إخواناً وموالي وهم عتقاء.

المولى: هو الذي يتولى إنساناً، فيسمى مولىً له، ثم يطلق الولاء على ولاء العتاقة، ويطلق على ولاء الإسلام، يعني: أن هناك من تدعوه فيسلم على يديك، فيكون مولىً لك، وينتسب إلى قبيلتك، من ذلك ما ذكروا أن جد البخاري الذي هو أبو المغيرة كان مجوسياً دعاه رجل من قبيلة جعف، فأسلم على يديه، فصار يقال له: الجعفي، محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، فهو جعفي بالولاء، وليس هو ولاء الرق ولكنه ولاء الإسلام، لأنه أسلم على يدي بعض قبيلة بني جعف.

وهذا الولاء لا يحصل به توارث: لا ولاء الإسلام، ولا ولاء الموالاة، وهو أن يأتي إنسان ضعيف، فينضم إلى قبيلة فيقول: أنا لكم وأنا منكم، هذا أيضاً لا يحصل به التوارث.

بخلاف ولاء العتق، فإنه يحصل به التوارث، ودليله: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الولاء لمن أعتق) ، لما أن عائشة أعتقت بريرة، وقد كان أهلها أرادوا الولاء لهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الولاء لمن أعتق) ، فالرقيق بعد عتقه يصير مولىً لمن أعتقه، فله عليه الولاء، ويصير عصبة له مطلقاً، يرثه عند عدم عصبة النسب، أي: إذا لم يوجد له أقارب من النسب ورثه معتقه الذي منّ عليه بالعتق، وإذا مات السيد قام مقامه أولاده الذكور دون الإناث، فيكون عصبة له هو وأولاده الذكور دون الإناث.

هذا آخر العتق.