للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحكمة من مشروعية الطلاق]

دين الإسلام دين وسط، والأدلة على هذا كثيرة؛ ومن ذلك أنه أباح الطلاق، وأباح الرجعة، وذكروا: أن النصارى ليس عندهم طلاق، بل متى عقد على المرأة فلا يقدر على أن يتخلص منها، ويلزمونه بإبقائها مهما كانت الحال، ويشددون عليه في أن يمسكها، ولو أساءت صحبته، ولو أضرت به، ولو كانت مخالفة له في أمر العقيدة أو في أمر الديانة، ولا يقدر على أن يتخلص منها، هكذا قالوا.

وإذا قدر أنه فارقها فإنهم يلزمونه بالإنفاق عليها بقية حياتها، ويقولون له: إنك أفسدت عليها حياتها، وإنك أضررت بها حيث تزوجتها ثم طلقتها، وذلك ضرر عليها، من أين تأكل؟ وكيف تعيش وقد فارقتها؟ فإما أن تؤمن لها معيشة، وإما أن تبقيها عندك ولا تفارقها، هذه ديانة النصارى، وقد انتشرت هذا الظاهرة في كثير من الدول التي تتسمى بالإسلام؛ وذلك بسبب تأثرها بالاستعمار النصراني، وقد أثر فيها مجاورة النصارى، فهذه الدول تحرم أن يتزوج الرجل أكثر من واحدة.

وكذلك أيضاً يمنعون من الطلاق تأثراً بمجاورة من حولهم من النصارى.

وكذلك أيضاً إذا عقد عليها فرضوا عليه صداقاً مؤخراً، ويقولون: هذا المؤخر لو قدر أنه مات قبلها، أو قدر أنه طلقها، فإن هذا المؤخر يؤمن لها حياتها، ويؤمن لها معيشتها، فهذه عادة ورثوها من النصارى.

ونحن نقول: لا بأس إذا طلبت تأخير صداقها وقالت: لست بحاجة إليه الآن، أدعه كوديعة عندك متى بدت لي حاجة طلبتك، أو إذا فارقتني بموت أو بطلاق طلبته، لا بأس بهذا المؤخر، وأما اعتياده واعتقاد أنه لا يحصل عقد إلا بفرضه، فهذا يخالف ما عليه تعاليم الإسلام؛ لأنهم فرضوا شيئاً زائداً على شرع الله تعالى.

إباحة الطلاق من محاسن دين الإسلام، إذا كره الرجل امرأته، ونفرت منها نفسه، أبيح له أن يطلقها، كما أنها إذا كرهته لسوء خلقه أو لسوء معاملته فلها أن تفتدي، أي: أن تدفع مالاً حتى يخلي سبيلها؛ لقوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة:٢٢٩] ، وهو ما يسمى: بالخلع.