قال المؤلف:[وإن وجب لقن قود أو تعزير قذف فطلبه وإسقاطه له، وإن مات فلسيده] .
القن هو العبد المملوك، والمعنى: لو أن هذا العبد اعتدى عليه إنسان فقطع إصبعه، فهل لسيده أن يسقط القصاص؟ العبد يغضب ويقول: هذا الذي قطع إصبعي، أو فقأ عيني، أو قلع سني، أو جرحني موضحة ولا تطيب نفسي حتى آخذ منه بالثأر.
فقال سيده: أنت مملوكي، وأنت عبدي، وأنا أملك الإسقاط، فأريد أن أسقط عنه؛ لأنه صديق لي أو نحو ذلك.
والعبد يأبى ويمتنع ويقول: أنا الذي تألمت، وأنا الذي أحسست بفقد هذا العضو ولو كان أنملة، فلا تطيب نفسي إلا أن آخذ بالثأر وأقتص لنفسي.
وكذلك لو كان القتيل ابناً لهذا العبد، كرجل عنده عبد مملوك، والعبد له ابن مملوك أيضاً، فعند ذلك الرجل رجل وابنه كلاهما مملوكان، فاعتدى إنسان على الولد وقتله، ففي هذه الحال عرفنا أنه ليس فيه القصاص، وإنما فيه الدية أو القيمة، فإن كان هذا العبد له ابن حر ليس بمملوك وقتله إنسان، وليس له ولي إلا هذا العبد، فالعبد يقول: ابني حر ليس بمملوك، فاعتدي عليه، وفجعوني بابني وقتلوا ابني وتركوني وحيداً، كيف أهدأ؟! كيف أستقر؟! لا أستقر حتى أقتل ذلك القاتل الذي اعتدى على ابني، فهل لسيده أن يمنعه؟ الابن ليس مملوكاً للسيد، ولكنه ولد لذلك العبد، فليس عليه رق، ففي هذه الحال الطلب يكون للعبد، فله أن يطالب بالقصاص بأن يقتل ذلك القاتل أو يقطع منه العضو الذي قطع، فلو كان ما قتله ولكنه قطع يده أو جدع أنفه أو قطع أذنه أو قلع أسنانه فإن عليه الدية أو القصاص، فأبوه يقول: أريد أن أقتص منه، فأقلع أسنانه كما قلع أسنان ابني، حتى ولو كنت أنا عبداً، فلي أن أقطع يده أو أقطع أذنه أو أفقأ عينه؛ فله ذلك.