[دعوة الشريك للبيع أو الإجارة]
يقول: (ومن دعا شريكه فيها، أو في شركة نحو عبد وسيف وفرس إلى بيع أو إجارة أجبر) : إذا قال: أنا شريك لك في هذا الدكان الذي عرضه متران، ولكن أنا أريد البيع، إما أن تبيعني أو أبيعك وإلا بعنا نصيبنا جميعاً، فإنه يجبر، إذا قال: أنا شريك في هذا الدكان، أنا شريك في هذا العبد، أو في هذه الفرس، أو في هذا السيف، فالعبد لا يمكن قسمه، والسيف لا يمكن قسمه، والفرس لا يمكن قسمها، وإنما هذه الأشياء تباع، فإذا طلب أحدهما البيع فإن له ذلك، والقاضي أو الأمير يجبر من امتنع؛ لأن الآخر متضرر بالشركة حيث يقول: إنه ينتفع بها وأنا لا أنتفع، أو إنها معطلة، أو إنها مؤجرة بأجرة زهيدة أو نحو ذلك، فأنا أريد بيع نصيبي، أو أريد تأجير نصيبي بأجرة أكثر من ذلك.
فالحاكم يجبر بقية الشركاء على بيع أو إجارة، وإذا أبى أحدهما وقال: أنا لا أبيع نصيبي في هذا العبد، ولا في هذا الجمل، ولا في هذا الدكان، أجبره الحاكم أو القاضي أن يبيعه أو يؤجره، ويقسم الثمن أو يقسم الأجرة بينهما، يقول له: إما أن تبيع نصيبك مع نصيب صاحبك، أو تشتري نصيب صاحبك فإذا لم توافق فإننا سنبيعه، فإذا قال: بع نصف شريكي، قد يقول: نصف شريكك إذا كان متراً فلن نجد أحداً يشتريه، وكذلك إذا كان نصيبه نصف هذا السيف، فمن الذي يشتري نصف السيف؟ ماذا يريد بنصف السيف أو نصف الفرس؟ فيجبره على أن يبيع أو يجبره على أن يؤجر، أو يبيعه الحاكم ويقسم الثمن عليهما، ويلزمهما بذلك، أو يؤجره ويقسم الأجرة بينهما، هذا ما يتعلق بقسمة التراضي.
النوع الثاني: قسمة الإجبار: وهي ما لا ضرر فيه ولا رد عوض كمكيل وموزون من جنس واحد ودور كبار، فيجبر على القسمة، فإذا قال: اشتريت وفلان كيساً من البر، والآن أريد نصيبي، والأول يقول: أنا لا أقسمه، ولكني سوف أبيعه، فإنه يجبر من امتنع فيقسم الكيس بالصاع أو بالكيلو ويعطى كل واحد منهما نصيبه ليتصرف فيه، وكذلك لو كان كيس تمر مثلاً، أو شيئاً يوزن كحديد، أو قطن، أو صوف، ففي هذه الأحوال كلها يجبر من امتنع؛ لأنه ليس ببيع وإنما يسمى إفرازاً.
وهكذا لو كان بينهما أرض واسعة مساحتها مثلاً مائة متر في مائة وطلب أحدهما القسمة فيجبر من امتنع منها، ولو كانوا ثلاثة وقال أحدهم: إنا إذا قسمناها نقصت قيمتها، ف
الجواب
أصحابك طلبوا قسمتهم، يريدون أن يعمروا، وأنت إذا أخذت نصيبك، فإن شئت فبع، وإن شئت فأجر، وإن شئت فاعمر، فيجبره الحاكم، ويقسمها بينهم، ويعطي كل واحد نصيبه، هذا إذا كان ليس فيها ضرر ولا رد عوض.
فإن كان فيها رد عوض فلا بد من التراضي كما تقدم في قسمة التراضي، وصورة ذلك: إذا كان بيت طوله عشرون متراً وعرضه عشرون متراً -أي: أنه نحو أربعمائة متر- وهو بين اثنين، ولكن يختلف القسم الجنوبي عن القسم الشمالي، فالقسم الشمالي على طريق واسع، وعلى مكان معروف، وقريب من المرافق ومن الخدمات، وأما القسم الجنوبي فليس على مرفق، وليس حوله ولا أمامه إلا طريق ضيق، ففي هذه الحال إذا قسمناه نصفين فكل واحد منهما يقول: أنا أريد القسم الشمالي، ففي هذه الحال نقول: من كان له القسم الشمالي يدفع للآخر عشرة آلاف ريال، هذا فيه رد عوض، فهل هذه قسمة إجبار أو قسمة تراض؟ قسمة تراض؛ لأن فيها رد عوض، فليس كل منهم يرضى بهذه القسمة فيقول: قنعت.
أما إذا كانت الأرض في صحراء، وليس حولها بناء، وهي أرض واسعة قدرها مائتا متر في مائتين، وهذه عندها مرافق وخدمات وهذه كذلك، وهي بين أربعة مثلاً، ففي هذه الحال إذا طلبوا القسمة جاز ذلك، وأجبروا على ذلك، وليس فيها رد عوض، فإذا قسمناها على أربعة فكل واحد له مائة في مائة، فهذه قسمة إجبار لا ضرر فيها ولا رد عوض.
والشيء الذي يكال كالأكياس أو يوزن كالحديد والقطن، ويكون من جنس واحد ليس بينه تفاوت يعني: هذا بر كله، وهذا رز كله، والدور الكبار، والأراضي الواسعة، فالقسمة فيها قسمة إجبار، يجبر الشريك أو يجبر وليه إذا كانت الشراكة لولي يتيم، أو لولي مجنون، على القسمة ويقسم الحاكم على غائب، فإذا كان أحدهم غائباً وطلب الشركاء الحاضرون أو طلب أولياؤهم القسمة، يقسم الحاكم عليهم.
وهذه القسمة تسمى إفرازاً وليست كالأولى، فالأولى بيع وهذه إفراز، وليس فيها خيار، ولكن إذا اتفقت الرغبات فإنهم يقرعون بينهم، وكل يأخذ ما يصيبه بالقرعة.