يقول:(وحرم القضاء وهو غضبان كثيراً) في حديث أبي بكرة لما تولى ابنه القضاء كتب إليه: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان) ؛ لأنه إذا كان غضبان كثيراً فقد لا يتصور المسألة، وقد يحمله غضبه على أن يميل مع أحدهما، فإذا غضب من أحدهما أجل القضية، وصرفهما إلى أن يذهب عنه غضبه، فيحكم بينهما في حالة هو فيها مقتنع بالحكم، قد ذهب عنه الغضب الشديد.
ولا يحكم وهو محتقن البول؛ لأنه يكون متكدر البال غير متأنٍ ولا متأمل لما يقول، وكذا إذا كان في شدة الجوع، فإذا كان جائعاً جوعاً شديداً فإنه في تلك الحالة لا يكون مطمئناً، ولا يكون متثبتاً؛ لأنه مع شدة ألم الجوع، وكذلك العطش؛ لا يكون متأنياً؛ يتمنى أن تنفصل القضية ليذهب ليأكل أو ليشرب.
أو في هم، فإذا جاءه هم وغم شديد فإنه لا يفكر في القضية، فلا يجلس للقضاء وهو مهموم.
وكذلك إذا كان في ملل، أي: تعب شديد بحيث إنه من آثاره لا يقبل على القضية.
وكذلك الكسل، وهو التثاقل في الأمور وعدم النشاط فيها.
وكذلك النعاس، فإذا كان في حالة نعاس، وهو بحاجة إلى أن يريح نفسه، فإذا قضى في تلك الحالة قد يكون القضاء غير محكم.
وهكذا إذا كان هناك برد شديد مؤلم أو حر شديد، بحيث إنه لا يطمئن في مجلسه لشدة الحر الذي يزعجه أو لشدة البرد الذي يزعجه.