قوله:[يحجر على الصغير والمجنون والسفيه لحظهم] أي: لمصلحتهم؛ وذلك لأنهم لا يحسنون التصرف، فيمنعون من التصرف في الأموال، والدليل قوله تعالى:{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً}[النساء:٥] ، أي: لا تعطوها لهؤلاء السفهاء، فإنهم يفسدونها؛ لأنهم لا يفكرون ولا يعرفون المصالح، وإذا سلطوا على الأموال أتلفوها، فأنت إذا أعطيت طفلاً عمره خمس سنين خمسمائة ريال مثلاً، فإنه لا يدري قيمتها، وربما يشتري بها حلوى أو لعبةً أو نحو ذلك، يعجب بهذه السلعة، ولا يفكر في قيمتها؛ فلذلك لا يسلطون على الأموال، وكذلك المجنون فاقد العقل؛ لأنه لا يدري ما قيمة هذا المال، وكذلك السفيه ولو كان كبيراً، فهناك من يبلغ عشرين أو ثلاثين سنة وهو سفيه ناقص العقل لا يحسن أن يتصرف، فيقال: هذا سفيه، وإذا سلط على الأموال أتلفها، فيذبح ما يقدر عليه من الشياه مثلاً، ويمزق ما يقدر عليه من الثياب أو يشتري غالياً ويبيع رخيصاً، ولا يبالي بذلك، فمثل هؤلاء يمنعون من التصرف، ولو كانت الأموال أموالهم، فالمصلحة تعود إليهم.
قوله:[ومن دفع إليهم ماله بعقدٍ أو لا رجع بما بقي لا ما تلف] ، فإذا اشتريت منهم مثلاً ثوباً رجع به، وذلك لأنهم لم يؤذن لهم أن يشتروا، فشراؤهم هذا يعتبر سفهاً، ولو باعهم قدراً أو كيساً أو نحو ذلك فليس لهم حسن التصرف، فإذا تلف شيءٌ منه فلا يرجع؛ لأنه سلطهم على ماله، وإن بقي منه شيء فإنه يرجع فيه، فلو باعهم ثوبين فأحرقوا واحداً وبقي واحد، فإنه يرجع بالباقي، أو باعهم مأكولاً ثم أكلوا بعضه وبقي بعضه كفاكهة أو نحوها فإنه يرجع بما بقي، أما ما تلف فإنه يذهب عليه؛ لأنه سلطهم على ماله.
أما الجناية فيضمنونها ولكن تتحملها العاقلة إذا بلغت الثلث ونحوه، ولو كانت صغيرة، فلو قاد سيارةً وصدم بها إنساناً فإن العاقلة تتحمل ذلك، أي: أقاربه، وكذلك لو صدم جداراً أو شجرة فإن عاقلته وأهله يغرمون؛ لأنهم سلطوه على هذه السيارة، أو أخذ سكيناً وطعن بها إنساناً فإنهم يغرمون؛ لأنهم مأمورون بأن يحفظوه ولا يعطوه سلاحاً، فيضمنون الجناية ويضمنون إتلاف مال من لا يدفعه لهم، فلو دخل السفيه أو المجنون بيت أناس ثم أتلف شيئاً: أحرقه أو مزقه أو أراق شيئاً من الأطعمة أو الأدهان فإنه يضمن؛ لأن وليه مكلفٌ بأن يأخذ على يديه ويحفظه حتى لا يدخل بيوت الناس.