أما الجمع للمطر فالصحيح أنه لا يجمع إلا العشاءين؛ لأنها تكون في ظلمة؛ ولأن الأسواق تمتلئ بالطين، والذين يأتون إلى المساجد يتخبطون في الطين، ويخوضونه مثلاً إلى نصف الساق فيشق عليهم، والطرق مظلمة والشوارع مليئة بالطين وبالزلق والمزلة فيجمعون بين العشاءين.
أما في النهار فلا يجمع؛ وذلك لأنه لا مشقة، ولأنهم يبصرون الطريق وليس هناك مشقة برد ولا مشقة زلق أو مزلة، نعم له أن يتخلف إذا كان المطر غزيراً بحيث يبل الثياب وتوجد معه مشقة.
وكذلك الوحل، وهو الطين المتجمع في الأسواق بحيث يخوضونه مثلاً إلى نصف الساق ولا يستطيعون أن يجدوا طريقاً غيره، وكذلك الريح الشديدة الباردة، ولا بد أن تكون شديدة باردة، فيجوز أن يجمع بها بين العشاءين، أما إذا كانت باردة فقط فلا يجمع إلا إذا كانت الليلة مظلمة حالكة الظلام، فجمع التقديم أو التأخير يفعل ما هو الأرفق، أما إذا كان يصلي في بيته فلا حاجة إلى الجمع إلا للضرورة كالمريض ونحوه.
وعند الجمع لا بد أن يجمع بينهما بلا فاصل، فلو صلى بينهما سنة بطل الجمع، وإذا فرق بينهما بعمل كأن صلى الظهر ثم اشتغل ثم أراد أن يصلي العصر بطل الجمع، فلا بد أن يكون الجمع متوالياً، لكن لو انتقض وضوءه مثلاً وتوضأ وضوءاً خفيفاً فلا بأس، وكذلك لو فصل بينهما بإقامة.
ذكر بعد ذلك صلاة الخوف، وأنها صحت من ستة أوجه، وكلها جائزة، وتسن عندما يخاف هجوم العدو على المسلمين، وفي هذه الأزمنة قد تكون متعذرة، وذكروا أنه يسن فيه حمل السلاح الخفيف لقوله تعالى:{وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}[النساء:١٠٢] .