قضاء الصيام دين على الإنسان، فإذا أفطر في رمضان لسفر أو مرض، أو أفطرت المرأة لحيض أو نفاس فيعتبر ديناً، وعلى المسلم أن يبادر بقضائه؛ لأنه لا يأمن العوارض، ولا يأمن الأعذار التي تعوقه وتحول بينه وبين القضاء، فلذلك اختاروا أنه يقضي الأيام التي عليه بعد رمضان مباشرة، مخافة العوارض والعوائق، ومع ذلك فإن له التأخير إذا كان الوقت واسعاً، وأما إذا خاف من العوائق فلا يجوز له التأخير.
وقد يقال: إن عائشة كان يكون عليها الصوم من رمضان فلا تقضيه إلا في شعبان، واعتذرت بأن ذلك لمكان النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: لمكان خدمته، وحاجته، وكثرة سفرها معه، ونحو ذلك، ولا يلزم أن يكون ذلك كل عام، ويمكن أنه وقع مرة أو مرتين، وإلا فالغالب أنهن يبادرن بالقضاء.
وإذا أخره لعذر إلى رمضان بأن مرض واستمر مرضه أو استمر سفره حتى أدركه رمضان آخر؛ فليس عليه إلا القضاء، فإن كان لغير عذر فإن عليه القضاء والكفارة، وهي إطعام مسكين لكل يوم، واستدل بعضهم على ذلك بقوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة:١٨٤] والأكثرون استدلوا بأن هذا مروي عن كثير من الصحابة، فإنهم أمروا بالكفارة: إطعام مسكين عن كل يوم، ويجوز في هذا الإطعام تفريقه، ويجوز سرده، أي: يجوز إعطاؤه مسكيناً، ويجوز إعطاؤه مساكين دفعة واحدة.