يقول:[ومن تاب منهم قبل القدرة عليه سقط عنه حق الله تعالى وأخذ بحق الآدمي] لقول الله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ}[المائدة:٣٤] يعني: جاء قبل أن تقبض عليه السلطة وسلم نفسه وقال: أنا تائب، وهذه توبتي، فيسقط عنه حق الله تعالى، فإذا كان -مثلاً- قد قتل وقال ولي المقتول: أريد القصاص، أو قد قتل وأخذ المال، فقال صاحب المال: أنا أريد حقي من المال، وقال صاحب الدم: أنا أريد حقي من القصاص يقام عليه حق دفع المال، فيغرم دفع المال ولا يقطع، ويقتل قصاصاً ولا يصلب؛ لأن الصلب حق لله، وهذا قد تاب فيقتل حقاً لآدمي ولا يصلب.
كذلك المال حق لآدمي طالب بالمال وقال: إنه أخذ من أبي كذا وكذا فيطالب بحق دفع المال ولا يقطع، فلو أنه أخذ المال ولم يقتل ثم تاب قبل أن يقدر عليه فلا تقطع يده ورجله؛ لأن هذا حق لله، ولكن حق الآدمي إذا طالبا به يدفع، فلو قال الآدمي: أنا عفوت عنه سقط حقه إذا عفا عنه لأنه حق لآدمي، فإن طالب به فإنه يثبت، فيثبت حق آدمي مثلاً لو قال: إنه قطع يدي، إنه شجني، إنه فقأ عيني، أريد القصاص فيمكن من القصاص، وأما إذا قال: إنه قتل أبي وأخذ مالنا فأطالب بقتله وبالصلب ورد المال.
أو: عفوت عن المال ولكن أريد أن يقتل ويصلب، فالصلب حق لله، وقطع اليد والرجل حق لله، والنفي حق لله، ورد المال حق للآدميين، والقصاص في النفس أو فيما دون النفس حق للآدمي، فهذه يطالب بها.
قال:[ومن وجب عليه حد لله وتاب قبل ثبوته سقط] ، يعني: مثل السكر حد لله تعالى إذا تاب سقط عنه، ومثل النهب والتعزير وأشباهه هذه حقوق لله تعالى.