كتاب الحيض هو آخر كتاب الطهارة، والحيض يختص بالنساء، ولكن معرفته مهمة؛ لأن طالب العلم لابد أن يعرف أحكام ما جاء في الشرع، والحيض يتعلق به كثير من الأحكام، فيتعلق به تحريم وطء الحائض في الفرج، وكذلك الاعتداد، فإذا طلقها زوجها فتكون عدتها ثلاثة قروء إذا كانت تحيض، وكذلك الرجعة في زمن العدة ويتعلق به مما يختص بالمرأة أنها لا تصوم، ولا تصلي، ولا تطوف، ولا تمس المصحف، ولا تقرأ القرآن إلا لضرورة، ولا تدخل المسجد، ولا تلبث فيه، وأحكامه وأدلته معروفة.
قوله:(لا حيض مع حمل) لا تحيض الحامل؛ لأن الدم ينصرف غذاءً للجنين، فيتغدى به الحمل ما دام في بطن أمه عن طريق سرته، فهذا الدم الذي هو دم الحيض إذا علقت المرأة بالحمل توقف خروجه، وانصرف غذاءً للجنين، فإذا ولدت خرج الدم المتبقي الزائد عن غذاء الجنين، وسُمي دم نفاس، والدم الزائد يحتبس في الرحم، فإذا انقطع دم النفاس توقف الدم، وإذا كانت ترضع ينقلب لبناً؛ ولهذا فإن المرضع لا تحيض إلا قليلاً، فبعض النساء تكون بنيتها قوية، ويكون جسدها وبدنها قوياً، وخلقتها قوية كبيرة، ودمها كثير، فتحيض ولو كانت ترضع، والغالب أنها إذا كانت ترضع من صدرها طفلها أنها لا تحيض، بل ينقلب الحيض الذي هو هذا الدم لبناً يتغذى به الولد، فإذا لم تكن حاملاً ولا مرضعاً فإن هذا الدم يجتمع في الرحم، ولا يكون له مصرف فيخرج في أوقات معينة، فإذا اجتمع في الرحم إلى حد محدد خرج بعد ذلك في أيام متتابعة، وله أحكام لابد من معرفتها.