للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القضاء]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كتاب القضاء: وهو فرض كفايةٍ كالإمامة، فينصب الإمام بكل إقليمٍ قاضيًا، ويختار أفضل من يجد علمًا وورعًا، ويأمره بالتقوى وتحري العدل، وتفيد ولاية حكمٍ عامة فصل الخصومات، وأخذ الحق ودفعه إلى ربه، والنظر في مال يتيمٍ ومجنونٍ وسفيهٍ وغائبٍ، ووقف عمله ليجري على شرطه وغير ذلك.

ويجوز أن يوليه عموم النظر في عموم العمل، وخاصاً في أحدهما أو فيهما.

وشرط كون قاضٍ بالغًا، عاقلًا، ذكرًا، حراً، مسلمًا، عدلًا، سميعًا، بصيرًا، متكلمًا، مجتهدًا ولو في مذهب إمامه.

وإن حكم اثنان بينهما رجلاً يصلح للقضاء نفذ حكمه في كل ما ينفذ فيه حكم من ولاه إمام أو نائبه.

وسن كونه قوياً بلا عنف، ليناً بلا ضعف، حليماً متأنياً، فطناً عفيفاً، وعليه العدل بين المتحاكمين في لفظه ولحظه، ومجلسه ودخول عليه.

وحرم القضاء وهو غضبان كثيرًا، أو حاقنٌ، أو في شدة جوعٍ أو عطشٍ، أو همٍّ، أو مللٍ، أو كسلٍ، أو نعاسٍ، أو بردٍ مؤلمٍ، أو حرٍ مزعج، وقبول رشوةٍ وهديةٍ من غير من كان يهاديه قبل ولايته، ولا حكومة له.

ولا ينفذ حكمه على عدوه، ولا لنفسه، ولا لمن لا تقبل شهادته له.

ومن استعداه على خصمٍ في البلد بما تتبعه الهمة لزمه إحضاره، إلا غير برزةٍ فتوكّل كمريضٍ ونحوه، وإن وجبت يمينٌ أرسل من يحلفها.

فصل: وشرط كون مدعٍ ومنكرٍ جائزي التصرف، وتحرير الدعوى، وعلم مدعًى به إلا فيما نصححه مجهولًا كوصيةٍ.

فإن ادعى عقدًا ذكر شروطه، أو إرثًا ذكر سببه، أو محلى بأحد النقدين قومه بالآخر، أو بهما فبأيهما شاء.

وإذا حررها، فإن أقر الخصم حكم عليه بسؤال مدعٍ، وإن أنكر ولا بينة فقوله بيمينه، فإن نكل حكم عليه بسؤال مدعٍ في مالٍ وما يقصد به.

ويستحلف في كل حق آدمي سوى نكاحٍ ورجعةٍ ونسبٍ ونحوها، لا في حق الله كحد وعبادةٍ.

واليمين المشروعة لا تنعقد بالله وحده أو بصفته.

ويحكم بالبينة بعد التحليف.

وشرط في بينة عدالةٌ ظاهرًا، وفي غير [عقد] نكاحٍ باطنًا أيضًا.

وفي مزك معرفة جرحٍ وتعديلٍ، ومعرفة حاكم خبرته الباطنة، وتقدم بينة جرح.

فمتى جهل حاكم حال بينة طلب التزكية مطلقاً، ولا يقبل فيها وفي جرح ونحوهما إلا رجلان، ومن ادعى على غائب مسافة قصر، أو مستتر في البلد، أو ميت، أو غير مكلف وله بينة سمعت وحكم بها في غير حق الله تعالى، ولا تسمع على غيرهم حتى يحضر أو يمتنع، ولو رفع إليه حكم لا يلزمه نقضه لينفذه لزمه تنفيذه، ويقبل كتاب قاض إلى قاض في كل حق آدمي، وفيما حكم به لينفذه، لا فيما ثبت عنده ليحكم به إلا في مسافة قصر] .