يقول:[وإن جنى رقيق خطأ أو عمداً واختير المال أو أتلف مالاً بغير إذن سيده خير سيده بين فدائه بأرش جناية أو تسليمه لوليها] .
الرقيق المملوك قد يجني، فلو أن هذا العبد المملوك تعدى على إنسان وجرحه في رأسه، أو فقأ عينه، أو قطع يده، أو قلع أسنانه، فجنايته قد تكون خطأً وقد تكون عمداً، فالجناية تتعلق برقبته، فالمجني عليه الذي فقئت عينه يقول: هذا الذي جنى علي أنت سيده، وأنا لي حق فيه.
فإذا قال ذلك المجني عليه الذي فقئت عينه: أريد القصاص، أريد أن أفقأ عين هذا العبد كما فقأ عيني.
له ذلك؛ لعموم قوله:{وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ}[المائدة:٤٥] ، أما إذا قال: لا حاجة لي بفقء عينه أو بقطع أنفه، ولكن أريد المال، فهذا قد اعتدى على عيني، أو قطع شفتي، أو قلع أسناني، أو قطع إصبعي، وأنا بحاجة إلى المال.
فاختار المال فأنت -يا سيد- لك الخيار، إما أن تدفعه إليهم وتقول: خذوه عبداً لكم بهذه الجناية، أو تدفع هذه الدية وتسلمها إلى أولياء المجني عليه، وذلك لأن هذه الجناية تعلقت برقبته.
وهكذا لو أتلف مالاً بغير إذن سيده، فلو أنه -مثلاً- حطم سيارة، أو عقر جملاً، أو قطع شجرة، أو هدم جداراً بغير إذن سيده فأصحاب هذه السيارة أو هذا المال قالوا: يا سيد! هذا عبدك هو الذي كسر سيارتنا، فأعطنا قيمتها.
فنظرنا وإذا السيارة لا يصلحها إلا عشرون ألفاً، والعبد قيمته ثلاثة آلاف، فيقول: لا أعطيكم أي شيء، ولكن خذوا العبد لكم، هذا العبد هو الذي جنى عليكم، لا أدفع لكم أكثر من قيمته.
فلهم أن يأخذوه ملكاً، أما إذا كانت قيمة إصلاح السيارة خمسة آلاف والعبد قيمته عشرة آلاف فقال: أنا أفديه فله ذلك، فيدفع الخمسة الآلاف فداء له، ويبقى العبد مملوكاً له، والله أعلم.