هل يشترط القبض؟ كثير من العلماء قالوا: يشترط القبض، فلا يلزم إلا بالقبض، فإذا قلت -مثلاً-: أرهنك العشرة الأكياس التي عندي في بيتي فلم يقبضها المرتهن فإنك تقدر على بيعها، أما إذا استلمها وأودعها في بيته أو في مخزنه فإنك لا تقدر على بيعها حتى توفي الدين، أو تباع ويوفى الدين منها، والدليل قوله تعالى:{وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة:٢٨٣] ، فدل على أنه لا بد من قبضها.
أو أخرجه المرتهن إلى الراهن بطل اللزوم، فلو قال الراهن: أنا رهنتك الكتاب الفلاني وأنا محتاج إليه، فأعطنيه لأطالع فيه وأقرأ فيه فدفعته إليه بطل الرهن، وجاز له أن يبيعه، أو قال -مثلاً-: أعطني السيف لأقاتل به فأعطاه بطل رهنه وجاز له أن يبيعه، وآخرون قالوا: لا يشترط القبض.
وفي هذه الأزمنة يكتفون بقبض الوثائق ونحوها، فإذا رهنه السيارة قال: أعطني رقمها الذي يسمى الاستمارة، فيقبض وثيقتها هذه حتى لا يتمكن من بيعها؛ لأنه يقول: الرهن يبقى -مثلاً- نصف سنة، فهل من المصلحة أن نعطل السيارة واقفة نصف سنة أو سنة؟ ليس هذا من المصلحة، بل نستغلها، فإن إيقافها ينقص قيمتها، وهكذا لو رهنك داراً، فهل من المصلحة أن تغلق الدار سنة أو سنتين حتى يوفيك الدين؟ ليس من المصلحة إضاعة منفعتها، بل عليه أن يؤجرها أو نحو ذلك، فعرف بذلك أنه لا يشترط القبض بل يكفي قبض الوثيقة، قبض ما يسمى بحجة الاستحكام أو ما يسمى بالاستمارة.