للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يشترط للزكاة فيه مضي الحول وما لا يشترط]

وشرط سادس: وهو الحول، الحول هو السنة، أي: اثنا عشر شهراً هلالياً، فلم تجب الزكاة في كل شهر، ولا في كل شهرين، وإنما تجب في كل سنة؛ لأن في السنة تتنامى الأموال فتتوالد البهيمة، وتنمو التجارة، ويمكن تنمية النقود وما أشبهها.

يستثنى من مضي الحول: المعشّر، وما المراد بالمعشّر؟ المعشّر: هو الخارج من الأرض، كالتمر والزبيب والتين إذا كان يدخر، أو الشعير أو البر، أو الذرة، وجميع ما يدخر، وسمى معشراً؛ لأنه يخرج منه العشر، أو يخرج منه نصف العشر؛ وذلك لأنه لا يحتاج أن يحول عليه الحول، والغالب أنه يبقى في الأرض خمسة أشهر ثم يحصد.

فمثلاً: إذا زرع في الصيف دخناً أو ذرة، وبعد ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر حصد فإنه يخرج الزكاة، ثم بعد شهر أو شهرين زرعها براً أو شعيراً وبعد خمسة أشهر حصد فإنه يخرج زكاتها، فأخرج الزكاة مرتين من هذه الأرض: زكاة دخن وزكاة بر، فلذلك قالوا: المعشرات لا يشترط لها الحول.

وكذلك نتاج السائمة لا يشترط لها الحول، وصورة ذلك: إذا كان عنده مائة وعشر من الغنم، ولما تمت أحد عشر شهراً ونصف ولدت مائة من السخال، فأصبحت مائتين وعشراً، فبدل ما كان الواجب عليه شاة صار الواجب عليه ثلاث شياه، مع أن هذه المائة السخال ما لها إلا شهر، فلا يشترط أن يتم لها الحول.

الثالث: ربح التجارة لا يشترط له الحول، مثاله: إذا بدأ التاجر تجارته ورأس ماله ألف، وأخذ يتجر، ففي الشهر الأول ربح ألفاً، وفي الشهر الثاني ربح ألفين، وفي الشهر الثالث ربح أربعة، وما زال يربح كل شهر الضعف، ولما تمت السنة وإذا ماله أربعون ألفاً، فمنها ما لم يكن له إلا شهر، ومنها ما له شهران، ومنها ما له ثلاثة، مع أنه لما بدأ لم يكن معه إلا ألف، فكم يزكي؟ يزكي أربعين ألفاً؛ فربح التجارة يتبعها، ولا يشترط له أن يمضي عليه الحول.

وإذا نقص عن النصاب في بعض الحول لبيع أو غيره انقطع إلا أن يكون فراراً، فمثلاً: إذا ابتدأ التجارة ورأس ماله ألف، ثم ربح في شهر ألفاً وربح في شهرين ألفين، وهكذا وفي الشهر السادس خسر، أو دفع المال الذي معه ولم يبق معه إلا أربعون ريالاً، ثم بعد ذلك هذه الأربعون ربحت، في الشهر السادس فبدأت تزيد، فبلغت ألفاً في الشهر السابع، وفي الشهر الثامن تمت ثلاثة آلاف، وفي الشهر التاسع عشر بلغت عشرين ألفاً، فمتى يزكيها؟ إذا تمت حولاً بعد ابتدائه لها من تمام النصاب، نقول: النصاب انقطع في الشهر الخامس؛ لأنه نقص النصاب ولم يبق معه إلا أربعون، بعد أن كانت معه عشرة آلاف فانقطع النصاب في الشهر الخامس، ولم يتم نصاباً إلا في الشهر السابع، فيبدأ الحول من الشهر السابع، ويستأنف سنة من الشهر السابع، إلا إذا كان الذي دفعه لهذا الفرار من الزكاة، فمثلاً: إذا كان عنده خمسمائة ألف، ولما قارب الحول وإذا الخمسمائة الألف فيها اثنا عشر ألفاً ونصف، فخاف من الزكاة واشترى بها عقاراً، فقال: هذا العقار للسكنى، ثم بعد ذلك باع العقار بستمائة، ففي هذه الحال لا ينقطع الحول؛ لأنا نتهمه بأنه فعل ذلك هرباً وفراراً من الزكاة فلا تسقط الزكاة، بل يبني على حوله الأول.

وإذا أبدله بجنسه لم ينقطع الحول، فمثلاً: إذا كان عنده من الضأن خمسون، وفي نصف السنة أبدلها بستين من المعز، فهل ينقطع الحول؟ ما ينقطع؛ لأن الضأن والمعز نصابها واحد، وكذلك لو كان عنده عشر من الإبل، وبعد نصف سنة أبدلها بجمال أو ببخاتي أو بعراب فإنه لا ينقطع الحول؛ لأن الجنس واحد، فكلها إبل.