[الذهاب إلى عرفة بعد طلوع شمس يوم عرفة للوقوف بها]
إذا طلعت الشمس صبح يوم عرفة -اليوم التاسع- توجهوا إلى عرفة، وفي طريقهم يذكرون الله تعالى ويلبون.
ثم يقفون بعرفة، وكل عرفة موقف إلا بطن عُرَنَةَ، وعرفة واسعة جداً، فهي تمتد في جهة الشمال نحو أربعة كيلو متر شمال الجبل الذي هو جبل الرحمة، ومن الجهة الجنوبية نحو اثنين أو ثلاثة كيلو متر، ومن الجهة الغربية نحو ثلاثة كيلو متر، وشرق الجبل -أيضاً- قد يصل إلى الجبال الطويلة.
واختلف في نمرة هل هي من عرفة أم لا؟ فأكثر العلماء يقولون: إنها ليست من عرفة، وذلك لأنها اختصت بهم أن اسمها نمرة.
القول الثاني -ولعله الأرجح- أنها جزء من أجزاء عرفة، وقد ورد ما يدل على ذلك، فمن ذلك قوله في حديث جابر الطويل: (فلما طلعت الشمس سار حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد بنيت بنمرة) فقوله: (أتى عرفة) يعني: دخل حدود عرفة.
ولا شك أن هذا دليل على أنه وصل إليها، وتكون القبة فيها وفي جزء من أجزائها يقال له: نمرة.
وهناك حديث -أيضاً- مشهور، يقولون فيه: إنه نزل بنمرة، وهو الموقف الذي يقف فيه أو ينزل فيه الإمام في عرفة.
وهذا في حديث صحيح مروي في السنن وفي المسند وغيرها.
ويدل على أنها من عرفة استثناء بطن عُرَنَةَ في قوله صلى الله عليه وسلم: (عرفة كلها موقف إلا بطن عُرَنَةَ) فعرنة -أيضاً- من عرفة، إلا ما كان من البطن -يعني مجرى الوادي- فإنه ليس من عرفة فلا يوقف فيه، وفي حديث آخر قال: (عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة) يعني: ارتفعوا عنه.
فعرنة ممتدة غرباً، فهي وراء نمرة التي فيها المسجد المشهور مسجد نمرة، فنمرة بين عرفة وعرنة، فقال: (ارفعوا عن بطن عرنة) ولم يقل: وارفعوا عن نمرة.
وإنما استثنى بطن عرنة، فهو دليل على أن عرفة واسعة، ويستثنى فقط البطن -أي: الوادي- الذي هو منخفض الآن، فهذا هو الذي لا يوقف فيه، وأما ما وراءه ولو مسيرة كيلو متر أو نحوه في جهة مكة وكذلك في الجهات الأخرى فإنه موقف.
والناس يتضايقون كثيراً بسبب الحدود التي قد حددت في هذه الأزمنة، ففيها شيء من التضييق، وقد حددت من جهة الجنوب، ومن جهة الغرب، ومن جهة الشمال والشرق، فصار فيها شيء من الضيق، وجعلوها من باب الاحتياط، فيأتي الناس مبكرين -قبل يوم عرفة بخمسة أيام أو بعشرة أيام- ثم يتقاسمون تلك البقعة التي هي داخل الحدود، ويبقى بقية الناس ليس لهم أماكن، فنقول: إن عرفة واسعة، وإذا لم يجد مكاناً داخل الحدود وقف ولو بعد الحدود، كما يفعلون ذلك في منى، فيقفون وراء الحدود ولا حرج عليهم؛ لأن عرفة واسعة، ولأن هذه الحدود جعلت من باب الاحتياط، ولأنهم معذورون حيث لم يجدوا مكاناً، فلذلك يرخص لهم ولا يشددوا على أنفسهم، ولا يكلفوا أنفسهم بالدخول في داخل الحدود مع عدم الحصول على أماكن متسعة لهم.
ولا يسكنون في الوادي المنخفض فقط، فأما ما حوله فلا حرج في ذلك.