وذلك لأنها تكون حينئذ شهادة لغير الله، والله تعالى يقول:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}[الطلاق:٢] يعني: اجعلوا شهادتكم لله، ولا تأخذ على شهادتك أجراً، فالذي يقول: أنا ما أشهد لك إلا إذا أعطيتني أجرة مائة أو ألفاً، فإذا طلب أجرة فلا يعطى؛ لأن هذا طعن فيه فلا يكون مقبول الشهادة، ولا يجوز للمشهود له أن يعطيه ويقول: اشهد لي وأعطيك على الشهادة مائة أو ألف ريال، وهذا هو الجعل.
أما إذا قال: أنا سوف أستأجر للحضور سيارة أجرة، اتصل بك وأنت مثلاً في طرف البلد وقال: يا فلان احضر أنا الآن عند القاضي، وأنت شاهد لي فإذا قلت: أنا سوف أحضر ولكن أعطني أجرة سيارة الأجرة فإني سوف أركب سيارة أجرة وأدفع مثلاً عشرين ريالاً، فلك أن تطلب ما دفعته؛ لأنه ليس لك مصلحة من هذه الشهادة، والمصلحة هي له فهو الذي كلفك، فعليه أن يدفع أجرة مركوب؛ لأنك تتأذى بالمشي الذي يشق عليك، إذا كنت مثلاً في طرف البلد، والبلاد الآن واسعة، وقد يكون بينك وبين المحكمة مثلاً أربعون كيلو ويشق عليك أن تقطعها ماشياً، بخلاف ما إذا كان بينك وبينه أربعون متراً أو مائة متر فإنك تأتي ماشياً ولا تتأذى بالمشي.