قال:(يسن سجود الشكر عند تجدد نعم واندفاع نقم) : إذا تجددت على إنسان نعمة سجد لله شكراً، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره خر ساجداً، سواء كان ذلك الأمر اندفاع نقمة كموت عدو أو نحوه، أو إذا حصل فتح ونصر للمسلمين فإنه يسن سجود الشكر، وفيه كلام طويل، وقد أفرده بعضهم بالتأليف.
ولا يجوز أن يسجد في الصلاة سجود الشكر، وإن سجده عالماً بطلت صلاته، أما إذا كان جاهلاً أو ناسياً فلا تبطل.
سجود الشكر سجدة واحدة مثل سجود التلاوة، وهل تشترط له شروط الصلاة؟ اختلف فيه، واختار كثير من العلماء أنه لا بد أن يكون على طهارة، وأن يستقبل القبلة، وأن يكون ساتر العورة إلى آخر شروط الصلاة، ورجح شيخ الإسلام أنه لا يشترط ذلك، وأنه يجوز أن يسجد وهو محدث، وأن يسجد لغير القبلة، وأن يسجد وإن لم يستر عورته، وإن كان ستر العورة واجباً في كل الحالات خارج الصلاة وداخلها.
يقول شيخ الإسلام: أقل ما روي أن اسمه صلاة فيها تحريم وتسليم ركعة، فأما سجدة واحدة فلا تسمى صلاة، فعلى هذا فسجود التلاوة وسجود الشكر لا يسمى صلاة، ومع ذلك يستحب أن يكبر ويسلم؛ لأن هناك من يجعله صلاة.
اشتهر عند كثير من الفقهاء أن سجود التلاوة صلاة، وقالوا: لا بد أن يكبر، وروي في ذلك حديث أنه عليه السلام لما سجد كبر لما خر ساجداً وكبر لما رفع، ولعل ذلك كان في الصلاة؛ وذلك لأنه يشرع في الصلاة أن يكبر عند كل خفض ورفع.
واختلف فيما إذا سجد للتلاوة في الصلاة ثم قام قبل إتمام القراءة، هل يكبر أو يكتفي بالقراءة، كان مشايخنا الأولون إذا رفع من السجدة ويريد مواصلة القراءة في التراويح أو في صلاة فجر يوم الجمعة يكتفي بقراءة الآية التي بعدها، ويجهر بها، والمأمومون يتبعونه، واستحب آخرون أن يكبر، وأخذوا ذلك من عموم قوله:(كان يكبر في كل خفض ورفع) ، ولكلٍ اجتهاده.