زيارة القبور خاصة بالرجال، ولا تجوز للنساء، ويسن للرجل زيارة قبور المسلمين، وتجوز زيارة قبور الكفار للعبرة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك في أول الأمر مخافة الغلو، ومخافة الندب والنياحة، ثم بعد ذلك أذن لهم وقال:(إنها تذكركم الآخرة) أي: تزهدكم في الدنيا، وترغبكم في الآخرة، وتذكركم الموت وما بعده، فالزيارة للقبور فيها مصلحتان: الدعاء للأموات والترحم عليهم، وتذكر الآخرة والاعتبار، وقد حفظ عن أبي العتاهية أنه مر على قبور فقال: ألا يا عسكر الأحياء هذا عسكر الموتى أجابوا الدعوة الصغرى وهم منتظرو الكبرى يحثون على الزاد وما زاد سوى التقوى يقولون لكم جدوا فهذا آخر الدنيا فأهل الدنيا يكون مآلهم إلى ما آل إليه أولئك المقبورون الذين قد دفنوا.
وأما زيارة النساء للقبور فلا تجوز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(لعن الله زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج) ، وثبت أيضاً أنه رأى نسوة ينتظرن جنازة، فقال:(هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا، هل تحملن فيمن يحمل؟ قلن: لا، قال: فارجعن مأزورات غير مأجورات) وفي رواية: (فأنكن تفتن الأحياء، وتؤذين الأموات) .
وروي أيضاً أنه رأى فاطمة قد جاءت من قبل البقيع، فسألها فقالت:(أتيت إلى أهل ذلك الميت فعزيتهم، فقال: لعلكم بلغت معهم الكدى -يعني: طرف المقابر- قالت: معاذ الله، وقد سمعتك تقول ما تقول، فقال: لو بلغتيها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك) فهذا تشديد عظيم، وهو دليل على أنه لا يجوز للنساء زيارة القبور؛ وذلك لقلة صبرهن وغير ذلك، ولا عبرة بقول بعض المتأخرين الذين أخذوا يشددون ويقولون: إنه يجوز، ويطرحون هذه الأدلة، ويتمسكون بالحديث:(كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزروها) فإن الخطاب للرجال.
أما القراءة عند القبور فلا تجوز؛ وذلك لأنه قد يتخذ وسيلة إلى اعتقاد أن القراءة عند القبر أفضل منها في المسجد، ثم يجر ذلك إلى الصلاة عند القبور، وأنها أفضل من الصلاة في المساجد، ثم يجر ذلك إلى الغلو في الأموات واتخاذ قبورهم مساجد، فالصحيح أنه لا يجوز أن يتحرى القراءة عند القبر.