ذكر المصنف رحمه الله أن من مات بمحل ليس فيه حاكم، ولا وصي، فعلى من حضره من المسلمين أن يتولوا تركته ويحوزها المسلم العدل، ويفعل ما فيه الصلاح من بيع أو غيره، كإنسان غريب في بلد، وقدر أنه ليس في تلك البلد قاض، فأتاه الموت وهو في تلك البلدة بعيداً عن أهله، فلا تترك تركته تضيع وينتهبها الناهبون، بل يتبرع أحد المسلمين الأكفاء فيتولى تركته، فيجمع أمواله وتركته، وديونه وحقوقه، وإذا جمعها حفظها، فإن كان وصى بصدقة نفذها، وإذا احتاج شيء إلى أن يباع باعه إذا كان ذلك أصلح، فإذا كان فيها بهائم تحتاج إلى علف، ولا يمكن أن يشتري لها، ويخاف أن تموت جوعاً فإنه يبيعها، وإذا كان فيها شيء يفسد كأطعمة أو تمور أو فواكه فإنها يبيعها ولا يتركها تفسد، وإذا كان فيها شيء يخاف عليه التلف فإنه يبيعه كثياب يخشى عليها الحرق ونحوه، ويحفظ ثمنها، ثم يرسل بها إلى بلده التي فيها أهله.
وإذا احتاج الميت إلى التجهيز يجهزه من تركته، أي: أجرة تغسيله، وقيمة الحنوط، وثمن الكفن، وأجرة الحفار ونحوها، فيجهزه ذلك المسلم الذي تولاه من تركته محتسباً للأجر.
فإن عدمت التركة فلم يكن له مال، ولم يكن عنده شيء، ففي هذه الحال يجهزه من نفسه، إما تبرعاً وصدقة وإما قرضاً، فيحتسب ما جهزه به، ثم يرجع به على ورثته أو على أهله، فيخبرهم بأنه مات، وخسرت على تجهيزه مائة أو مائتين، فله أن يطالبهم بما جهزه به.
هذا إذا لم يوجد متبرع، فيرجع بها على تركته أو على من تلزمه نفقته إن نواه.
وقوله رحمه الله:(أو استأذن حاكماً) أي: إذا كانت نيته أن يرجع على ورثته أو تركته أو أذن له الحاكم وقال: أنت يا فلان موكل على أن تجهزه، فرخص له الحاكم فجهزه، ففي هذه الحال يرجع على من تلزمه مؤنته.