للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استحباب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف]

ذكر المصنف رحمه الله أنه يسن إعلان النكاح والضرب عليه بالدف، ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالدف) والإعلان هو: الإشهار حتى لا يكون سراً، كما في قول الله تعالى: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} [البقرة:٢٣٥] يعني: كونهم يخفونه ولا يبدونه ولا يظهرونه، فإعلان النكاح إشهاره حتى يشتهر أن فلاناً تزوج بفلانه، وربما يكون هناك أخبار عن معرفة بمحظور أو رضاع بينهما، فإذا اشتهر النكاح عرف ما بينهما، فهذا هو السبب في إعلانه، والإعلان يكون بنشر الأخبار، ويكون أيضاً الآن بوضع الأنوار الكهربائية على المكان الذي يجتمعون فيه، ويكون فيه الاحتفال، وغير ذلك من الأشياء التي يحصل فيها الإعلان.

وأما الضرب بالدف فالدف هو: الآلة التي هي كهيئة الطار يُختم أحد جانبيه بجلد لم يُدبغ، ثم يُضرب فيصير له صوت ليس شديداً، أما إذا ختم جانباه فإنه لا يجوز، ويسمى طبلاً، والطبل هو: الذي خُتم جانباه، فيُسمى الدف (الطار) ، ويسمى في بعض البلاد (الزير) ، ويسمى عند بعضهم (الدمام) ، والأصل أن تسمية الدف شرعية، وقد جاء حديث أن امرأة قالت: يا رسول الله! إني نذرت إن قدمت أن أضرب على رأسك بالدف، فقال: (أوف بنذرك) فالدف يُضرب به للفرح، وهو مثل المنخل إلا أنه ختم أحد جانبيه، والمنخل فيه خروق، فذلك المكان المختوم فيه جلد ليس فيه خروق، هو الدف، وهو مباح، وله أوصاف أيضاً يكون بها أحياناً غير مباح، مثل إذا كان فيه زرود أو نحوها.

ولا بأس أيضاً مع ذلك بصوت مباح؛ لأنه روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: (هلا أرسلتم معها من ينادي يقول: أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم) إلى آخره، يعني: أبيات فيها شيء من التحية والترحيب والمديح المباح الذي يكون فيه دليل على التواد والمحبة، فأما الغناء الذي يُفعل لكثير من المناسبات بحيث إنه يجتمع رجال من جهتين، فهؤلاء في جهة وهؤلاء في جهة، ثم يتمايلون ويُغنون غناءً فيه شيء من التشبيب، وفيه شيء من التلحين والطرب، أو يضربون الطبول، فمثل هذا نرى أنه لا يُشرع حضوره، وكذلك أيضاً رفع أصوات النساء بضرب الدفوف أو الطبول، ورفع أصواتهن بغناء فيه شيء من المبالغة في التمايل أو التطريب أو التلحين أو التشبيب أو وصف الخدود والقدود أو ما أشبه ذلك، فهذا أيضاً لا يجوز.

وعادة أن النساء يضربن بالدف ويتمايلن ويرقصن، فهذا إذا لم يكن فيه شيء من الاختلاط، وليس فيه شيء من المحظورات، فلا بأس به.