[أركان الصلاة]
قرأنا فيما مضى وجوب اجتناب النجاسة في الثوب والبدن والبقعة مع القدرة، وكذلك حكم من جبر عظمه بنجس، وحكم الصلاة في المقبرة ومن علل بأنها مظنة النجاسة وترجيح أن العلة خوف الغلو في القبور، وحكم الصلاة في أسطحت هذه المنهيات: الحمام والخلاء، ومعاطن الإبل، والمجزرة، والمزبلة، وأن الصحيح أنه لا مانع من الصلاة في أسطحها.
كذلك ذكرنا حكم استقبال القبلة وأنه فرض إلا لعاجز ومتنفل في سفر، وكذلك العلامات التي يعمل بها في معرفة تحديد القبلة، وحكم من اشتبهت عليه في السفر، وحكم من صلى بلا اجتهاد ولا تقليد من يعرف.
كذلك من شروط الصلاة: النية، وسبب اهتمام الفقهاء بها وذكرهم أنها تقارن التحريمة، والصحيح أنها ملازمة للمصلي في جميع صلاته، وكذلك نية الإمامة ونية الائتمام وما أشبه ذلك.
وذكرنا أيضاً صفة الصلاة وما ذكر من أنه يخرج إليها بسكينة ووقار ودليل ذلك، ومتى يقوم إلى الصلاة عند الإقامة، وحكم تكبيرة الإحرام، وأنه لا يصح غيرها بدلها، وحكم رفع اليدين عند استفتاح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه، وأين يضع يديه بعد قبضهما، والترجيح أنه يضعهما على صدره، وحكم الاستفتاحات، وسبب اختيار الإمام أحمد لما اختاره من الاستفتاح، وحكم قراءة الفاتحة ووجوب ترتيبها وتواليها، والتلفظ بشداتها، وكذلك التأمين في الجهرية، وجهر الإمام بالقراءة في الصلوات الجهرية، وحكم الجهر للمأموم والمنفرد، واستحباب أن يقرأ بعد الفاتحة سورة كاملة، وأنه أفضل من قراءة أول سورة أو آخر سورة؛ لأنه الوارد، ولأن السور الكاملة منفصلة لها معنى متكامل.
وكذلك ذكرنا حكم الركوع، وأين يضع يديه ومقدار المجزئ من التسبيح في الركوع والكمال، والرفع من الركوع، وأن التسميع خاص بالإمام والمنفرد، فالمأموم لا يسمّع فلا يقول: سمع الله لمن حمده، والسجود على الأعضاء السبعة، والترجيح لأن يضع ركبتيه ثم يديه، وأن تقديم اليدين على الركبتين إنما يكون في حق العاجز كالكبير والمريض ونحو ذلك، وأن الأدلة صريحة على ذلك، وكذلك كونه يسجد على أطراف أصابعه، وصفة السجود الكامل وما يقول فيه، وصفة الجلسة بين السجدتين وما يقول فيها، ونهوضه إلى الركعة الثانية مكبراً، وأن جلسة الاستراحة لم تثبت مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وإنما رويت عن مالك بن الحويرث خارج الصحيح، وأنها تجوز للعاجز ونحوه.
وذكرنا بعد ذلك الجلوس بين السجدتين مفترشاً، وصفة قبض أصابعه في التشهد الأول، وسبب اختيار تشهد ابن مسعود، والنهوض إلى الركعة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، والفرق بينها وبين الركعة الثانية، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في آخرها، والتعوذ بالله من أربع واستحباب ختمها بالدعاء والسلام، وأن زيادة: (وبركاته) رواية في السنن وفيها شذوذ، وأن الاقتصار على (ورحمة الله) هو المتبع الكثير، والمرأة كالرجل في صلاتها وحكم الالتفات في الصلاة بلا حاجة، وكذلك الإقعاء وافتراش الذراعين والعبث والتخصر إلى آخرها.
فهذه الأفعال التي وردت في صفة الصلاة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: وجملة أركانها أربعة عشر: القيام، والتحريمة، والفاتحة، والركوع، والاعتدال عنه، والسجود، والاعتدال عنه، والجلوس بين السجدتين، والطمأنينة، والتشهد الأخير، وجلسته، والصلاة على النبي عليه السلام، والتسليمتان، والترتيب.
وواجباتها ثمانية: التكبير غير التحريمة، والتسميع، والتحميد، وتسبيح ركوع، وسجود، وقول: رب اغفر لي.
مرة مرة، والتشهد الأول، وجلسته، وما عدا ذلك والشروط سنةٌ.
فالركن والشرط لا يسقطان سهواً وجهلاً، ويسقط الواجب بهما.
فصل: ويشرع سجود السهو لزيادة ونقص وشك، لا في عمد، وهو واجب لما تبطل بتعمده، وسنة لإتيان بقول مشروع في غير محله سهواً، ولا تبطل بتعمده، ومباح لترك سنة.
ومحله قبل السلام ندباً إلا إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر فبعده ندباً، وإن سلم قبل إتمامها عمداً بطلت، وسهواً فإن ذكر قريباً أتمها وسجد.
وإن أحدث أو قهقه بطلت كفعلهما في صلبها، وإن نفخ أو انتحب لا من خشية الله، أو تنحنح بلا حاجة فبان حرفان؛ بطلت، ومن ترك ركناً غير التحريمة فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت المتروك منها، وصارت التي شرع في قراءتها مكانها، وقبله يعود فيأتي به وبما بعده، وبعد سلام فكترك ركعة.
وإن نهض عن تشهد أول ناسياً لزم رجوعه، وكره إن استتم قائماً، وحرم وبطلت إن شرع في القراءة لا إن نسي أو جهل، ويتبع مأموم، ويجب السجود لذلك مطلقاً.
ويبني على اليقين -وهو الأقل- من شك في ركن أو عدد.
فصل: آكد صلاة تطوع: كسوف، فاستسقاء، فتراويح، فوتر، ووقته من صلاة العشاء إلى الفجر، وأقله ركعة، وأكثره إحدى عشرة: مثنى مثنى، ويوتر بواحدة، وأدنى الكمال ثلاث بسلامين، ويقنت بعد الركوع ندباً، فيقول: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤمن مأموم، ويجمع إمام الضمير، ويمسح الداعي وجهه بيديه مطلقاً.
والتراويح عشرون ركعة برمضان تسن، والوتر معها جماعة، ووقتها بين سنة عشاء ووتر.
ثم الراتبة ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، وهما آكدها، وتسن صلاة الليل بتأكد، وهي أفضل من صلاة النهار.
وسجود تلاوة لقارئ ومستمع، ويكبر إذا سجد وإذا رفع، ويجلس ويسلم، وكره لإمام قراءتها في سرية وسجوده لها، وعلى مأموم متابعته في غيرها.
وسجود شكر عند تجدد نعم، واندفاع نقم، وتبطل به صلاة غير جاهل وناس، وهو كسجود تلاوة.
وأوقات النهي خمسة: من طلوع فجر ثان إلى طلوع الشمس، ومن صلاة العصر إلى الغروب، وعند طلوعها إلى ارتفاعها قدر رمح، وعند قيامها حتى تزول، وعند غروبها حتى يتم.
فيحرم ابتداء نفل فيها مطلقاً، لا قضاء فرض، وفعل ركعتي طواف، وسنة فجر أداء قبلها، وصلاة جنازة بعد فجر وعصر] .