فهذه شروط من تجب عليه، والمكلف: هو البالغ العاقل، فإذا وقع في الزنا أو اللواط صغير دون البلوغ فمثل هذا غير مكلف؛ لعدم العقل التام الذي يزجره، وكذلك لو وقع فيه مجنون مسلوب العقل أو ضعيف العقل أو ضعيف المعرفة فمثل هذا أيضاً ليس معه ما يزجره، ليس معه من العقل ما يزجره ويدفعه إلى فعل هذه الجريمة أو إلى تركها، فهو ضعيف العقل أو مسلوبه، فمثل هذا أيضاً لا يقام عليه الحد.
وأما الملتزم فيخرج الكفار الذين ليسوا بملتزمين، ويدخل الملتزم منهم مثل الذمي، أهل الذمة من اليهود والنصارى والمجوس إذا كانوا يؤدون الجزية يلزم الإمام أخذهم بحكم الإسلام في النفس والمال والعرض، وإقامة الحدود عليهم بما يعتقدون تحريمه دون ما يعتقدون حله، ولذلك رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين اللذين زنيا في عهده، مع أنهما ليسا بمسلمين، ولكن كانا ملتزمين، أي: خاضعين للعهد والذمة، فهؤلاء تقام عليهم الحدود، وأما الذين ليسوا تحت ولاية المسلمين أو الحربيون فلا ولاية للمسلمين عليهم، ولا تقام عليهم الحدود؛ لأن ذنبهم أكبر.
الشرط الثالث: كونه عالماً بالتحريم، أي: يعرف أن هذا الذنب حرام، فأما لو أسلم وبقي في بلاد ليس فيها علم وفعل الزنا ونحوه فإنه لا يقام عليه الحد؛ لأنه جاهل لم يصل إليه العلم، ولا درى أن الله تعالى حرم هذا الذنب، فلا بد أن يكون معه علم بأن هذا محرم.