للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما لا يصح التوكيل فيه]

استثنوا ما لا يصح التوكيل فيه فقال المؤلف: (لا ظهار ولعان وأيمان) ، فهذه لا يصح التوكيل فيها، فلا يصح أن يقول: وكلت من يظاهر من امرأتي، تقول: يا فلانة! أنتِ على فلان كظهر أمه، وذلك لأن الظهار حرام قال الله تعالى {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً} [المجادلة:٢] وما كان منكراً وزوراً فلا تتوكل فيه، وإذا وكلك وقال: اذهب إلى امرأتي وقل: إن فلاناً يقول: أنتِ علي كظهر أمي، تقول: لا أقول هذا، ولا أفعله؛ لأن الله سماه منكراً وزوراً، فلا أتوكل في منكر، ولا أتوكل في زور.

وكذلك اللعان، لا يصح التوكيل فيه، لأنه يقترن به شهادات وأيمان ودعاء، واللعان ذكره الله تعالى في القرآن، ونسبه إلى الزوجين فقال: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ} [النور:٦-٧] فلا يصح التوكيل فيه، لا يقول: يا فلان! اذهب فاشهد عني، والعن نفسك عني؛ لأن الزوج يقول: أشهد بالله أن امرأتي هذه زانية، وإني لمن الصادقين، أربع مرات، وكذلك المرأة تقول: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين، ثم تقول: غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فلا يجوز أن يكون موكلاً في اللعن ولا في الغضب؛ لأن هذا دعاء على النفس، ولا يقول مثلاً: لعنة الله على فلان إن كان من الكاذبين، فهذا شيء يتعلق بما في الضمير، فلا يجوز التوكل فيه.

وكذلك الأيمان لا يجوز التوكل فيها، فلا يقول إذا توجهت إليه يمين في خصومة: يا فلان! وكلتك أن تحلف عني؛ لأن الحلف فيه استحضار عظمة المحلوف به، فالذي يحلف بالله أو بصفة من صفات الله يستحضر عظمة الله، فيحمله هذا الاستحضار على أن يعترف بالحق، وألا يتجرأ على الحلف كاذباً، ويستحضر أنه إذا حلف كاذباً فإن عليه عقوبة شديدة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين صبر هو فيها كاذبٌ لقي الله وهو عليه غضبان) .