يقول:[وكل شراب مسكر يحرم مطلقاً] بشرط أن يكون مسكراً، وذهب الحنفية إلى أن الخمر تختص بعصير العنب، وقالوا: إنه الخمر المعروف.
وأما بقية ما يعصر من المأكولات ونحوها فلا يسمى خمراً، ولا يحرم عندهم إلا إذا بلغ حد الإسكار، وخالفهم بذلك الجمهور الذين يرون أنه خمر من أي شيء صنع، وذكر عن عمر رضي الله عنه أنه قال:(إن الخمر من خمسة -يعني: في العهد النبوي- يقول: إن من العنب خمراً، وإن من التمر خمراً، وإن من العسل خمراً، وإن من الشعير خمراً، وإن من الذرة خمراً) يعني: ما عصر من هذه وبلغ حد الإسكار فإنه يسمى خمراً، فلا يجوز شربه ولو كان قليلاً.
ودليل ذلك أيضاً الحديث الذي يمكن أنه متواتر ولفظه:(كل مسكر حرام) ، (كل مسكر خمر) ، وقصة أبي موسى لما ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الأشربة في اليمن، منها ما يسمى (البتع) ، ومنها ما يسمى:(المزر) ، وذكر لـ عمر شراب يسمى الطلاء يشرب في مصر، فكلها ألحقوها بالخمر، ولما سأل أبو موسى النبي صلى الله عليه وسلم عن البتع فقال:(أمسكر هو؟ قال: نعم، قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام) ، فيحرم شرب المسكر، واستثنوا من ذلك إذا كان [لدفع لقمة غص بها مع خوف تلف] ولم يجد ما يدفعها إلا بكأس خمر [ويقدم عليه بول] ، فإذا وجد بولاً ووجد خمراً فأيهما يدفع به هذه الغصة؟ يدفعه بالبول، فإذا لم يجد إلا الخمر دفعها به وعفي عنه، هكذا يمثلون، مع أن هذا نادر، نادر أن لا يجد إلا خمراً؛ لأنه يجد المياه، ويجد الألبان، ويجد العصيرات المباحة يدفع بها هذه اللقمة التي غص بها، وإنما ذكروا ذلك تقديراً، فلو قدر أنه ما وجد إلا خمراً فله أن يشرب منه جرعة يدفع تلك الغصة.