للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم كتابة من علم فيه خير]

يقول: (وتسن كتابة من علم فيه خيراً) : هذا يسمى المكاتب، وقد ذكر في القرآن، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور:٣٣] وصورة ذلك أن يقول العبد: أنا أشتري نفسي وأستطيع أن أحرر نفسي، أعمل لنفسي، وأؤدي دين الكتابة، فيتفق مع سيده على أن يشتري نفسه بثمن مقسط، يؤدي كل شهر أو كل سنة قسطاً، إلى أن يؤدي الثمن كله فيعتق، هذا هو المكاتب.

وذلك فيما إذا كان يعلم منه أنه قادر على الكسب، وهذا معنى قوله: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور:٣٣] ، فالخير في الآية: الكسب والأمانة، فإذا علم بأنه مأمون، بحيث إنه لا يهرب، ولا يبقى كلاً على الناس يتكفف الناس ونحوه؛ ففي هذه الحال يكاتبه إذا طلب العبد، فيقول: قيمتك مثلاً عشرة آلاف، وأنا أبيعك نفسك بخمسة عشر، تعطيني كل سنة ألفين حتى تتحرر، هذه هي الكتابة، يعني مكاتبته، فيحرص العبد على أن يؤدي الأقساط، يشتغل بالأجرة أو بالتجارة، أو يكون له حرفة يدوية أو ما أشبه ذلك، فيؤدي الكتابة التي تلزمه.

فإذا تأخر سنة فلسيده أن يلغي الكتابة، ويقول: أنت لست أهلاً؛ وذلك لأنك ما عملت بما وعدت، حيث إنك ما أديت الكتابة والدين في حينه، فإذا ألغاه لُغي، وعاد قناً، وهكذا إذا عجز وجاء إلى سيده وقال: عجزت، فإنه يعود مملوكاً له، ويعود إلى كونه رقيقاً، ورد في حديث: (المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم) .

والحاصل: أنه إذا علم فيه خيراً فإنه يكاتبه.