للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شروط استحقاق الأم الثلث]

ومن أهل الثلث: الأم؛ فترث الثلث بثلاثة شروط عدمية: عدم الفرع الوارث، وعدم الجمع من الإخوة، وأن لا تكون المسألة إحدى العمريتين؛ هذه شروط أخذ الأم للثلث.

قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء:١١] يعني: إذا لم يرثه إلا أبواه فلأمه الثلث والباقي للأب لأنه إذا ذكر نصيب وارث، وسكت عن الباقي، فهو للوارث الثاني، ففي هذه الحال لأمه الثلث إذا لم يكن له ولد، ولم يرثه إلا أبواه، هذا شرط: الولد يعم الذكر والأنثى من الأولاد وأولاد البنين، ويعم الواحد والعدد، فلو كان له بنت أو بنت ابن، فلا ترث الأم إلا السدس؛ لأن له ولداً.

الشرط الثاني: عدم الجمع من الإخوة، لقول الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء:١١] فجعل الله الإخوة يحجبون الأم إلى السدس، كما أن الأولاد يحجبونها إلى السدس، هذا نص: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء:١١] .

إذا لم يكن له إلا أم وله إخوة، أعطيت الأم السدس، والبقية للإخوة، وكلمة إخوة تعم الإخوة من الأم، فلذلك قالوا: يحجبها الإخوة من الأم إذا كانوا اثنين أو أكثر، ويحجبها من الإخوة الأشقاء اثنان فأكثر، ومن الإخوة من الأب اثنان فأكثر، وكذلك الأخوات شقائق كن أو لأب أو لأم، أو كانوا متفرقين، فيحجبونها إلى السدس.

ففي أخوين شقيقين وأم؛ للأم السدس، وفي أختين شقيقتين وأم لها السدس، وكذلك مع أخوان لأب لها السدس، أو أختان لأب، أو أختان لأم، أو أخوان لأم، أو أخ شقيق وأخت لأم، أو أخ شقيق وأخت لأب، أو أخت لأب وأخت لأم، فاثنان من الإخوة ذكوراً وإناثاً، لأب أو لأبوين أو لأم، يحجبونها إلى السدس.

ثم هاهنا مسألة فيها خلاف: وهي إذا كان الإخوة محجوبين، فهل يحجبونها أم لا؟ إذا كانوا محجوبين بالجد على القول بأنه يحجبهم، أو محجوبين بالأب: مثاله: مات شخص وله أبوان، وأخوان، ففي هذه الحال: الجمهور على أنهم ساقطون ويحجبون، فيضرون الأم ولا ينتفعون، فيكون للأم السدس، وخمسة الأسداس للأب، هذا مثال من يحجب ولا يرث، ولكنه حجب نقصان؛ فمنعوا الأم من أوفر حظيها، ولم ينتفعوا، بل صار النفع للأب.

وذهب بعض العلماء إلى أنهم لا يحجبون في هذه الحال، ويختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فيقول: إذا كانوا لا ينتفعون فكيف يضرون؟! إذ العادة أن الحاجب إنما يحجب غيره إذا كان ينتفع بذلك الحجب، وهذا هو الأصل؛ أن الأولاد يحجبون الأبوين لأجل أن يزيد لهم المال، ويحجبون الزوجين حجب نقصان؛ لأجل أن يزيد لهم المال، ويحجبون الإخوة حجب حرمان؛ لأجل أن يزيد لهم المال، فما فائدة الإخوة من هذا الحجب، وكيف يحجبون وهم لا يرثون؟ فيرى شيخ الإسلام أنهم لا يرثون في هذه الحال، ولا يحجبون الأم، بل الأم لها الثلث كاملاً، ولكن ما تجرأ العلماء على أن يعطوها الثلث وهناك إخوة؛ للنص الصريح: {فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء:١١] فـ شيخ الإسلام يقدر: فإن كان له إخوة يرثون فلأمه السدس، كما إذا كان له ولد وارثون فلأمه السدس.